الثقة بالنفس تساعد الطفل على اكتشاف العالم من حوله، وتحقيق الإنجازات وبناء علاقات اجتماعية، والأهم من ذلك، تكسبه القدرة على التحكم في نفسه. الطفل الذي يشعر بالحنان والحب والتشجيع لذاته وللمجهود الذي يبذله والإنجازات التي يحققها، يستطيع أن يقدر ذاته وان يتجاوز أي شعور يعتريه بعدم الثقة بنفسه في أي مرحلة عمرية. من هنا ضرورة تعزيز ثقته بنفسه منذ لحظة ولادته، لكي يتمكن من مواجهة الحياة بشكل أفضل. * الأطفال الرضع كيف يمكنك أن تعززي ثقة طفلك بنفسه وهو لا يزال رضيعاً؟ هناك طرق عدة لفعل ذلك: - تحدثي مع صغيرك منذ لحظة ولادته واحرصي على أن تنظري مباشرة في عينيه أثناء ذلك. فهذه الطريقة تفهمه بأنه شخص جدير بالاهتمام والاحترام، وأنه يستحق أن يولي الآخرون اهتماما به. - قولي له يومياً إنكِ تحبينه، ودعيه يشعر بأنه شخص مميز. أثني عليه وامدحيه فهذا سيشعره بحالة جيدة، حتى ولو كان لا يفهم ما تقولينه، فإن عقله قادر على التقاط الذبذبات الإيجابية الصادرة عن ابتسامتك الحانية وعاطفتك. - راقبي صغيرك وارصدي أي إشارة منه، فلا ترغميه على القيام بأي شيء إذا لم يكن مستعداً بعدُ لتأديته خوفاً من أن يفشل فتهتز ثقته بالنفس. انتظري إلى أن يبدي استعداده مثلاً للقيام بتلك الخطوة الأولى أو حمل كوبه الأول، ثم شجعيه على فعل ذلك. - امدحي محاولاته أياً كانت نتيجتها لكي يستمر فيها. - امنحيه حناناً وعاطفة وعانقيه كثيراً، فقد أثبتت الدراسات الإكلينيكية أن المداعبات والتواصل الجسدي مع الطفل تؤثر إيجاباً في نمو دماغه. كذلك بينت الدراسات أن الأطفال الذين حظوا بكثير من العناق والمداعبات، اكتسبوا قدرة كبيرة على التحكم في النفس، والحفاظ على الهدوء في حالات التوتر أكثر من أولئك الذين لم يحظوا بمداعبات كثيرة. - كوني واثقة بنفسك وقادرة على التحكم فيها، لأن ذلك سينعكس على طفلك. يشعر الأطفال بالاطمئنان والراحة ويكونون أكثر قدرة على اكتشاف محيطهم عندما يشعرون بأنهم محبوبون وهناك من يحميهم ويدعمهم. * الأطفال الأكبر سناً تختلف عملية تعزيز ثقة الطفل الأكبر سناً بنفسه عن الرضيع، فثمة أسلوب آخر يمكنك اعتماده لفعل ذلك وهو يتضمن: - تبسيط المهمات والحياة على طفلك. أوكلي له مهمة يومية بسيطة، مثل ري النباتات، فهذا الأمر ينمي فيه العادات الجيدة ويعلمه احترام الآخرين وتقديرهم. حددي له قواعد واضحة وسهلة التنفيذ لمساعدته على النجاح في مهمته، فهذا سيشعره بأنه أنجز شيئاً ما. - أحيطي طفلك بالحب والحنان والأجواء العائلية الحميمية، فهذا يساعده على النمو في جو منفتح وآمن. - اتركيه بمفرده قليلاً، فالأهل الذين يحومون حول أطفالهم دائماً لا يعطونهم فرصة لإنجاز شيء بمفردهم. لا تنهي أي عمل بدأه وإلا شعر بأنه فشل في تنفيذ المهمة. - لا تعلقي كثيراً على خطأ بسيط ارتكبه. صحيح أن طفلك سيُحدث فوضى عارمة في حال تركته يجهز ساندويتشه بمفرده أو يسكب كوب ماء، لكن هذا سيعلمه كيفية فعل الأشياء بطريقة صحيحة. لا تنتقديه إذا اخطأ كي لا يخاف من تكرار المحاولة. - دعيه حتى يرى دائماً كيفية فعل الشيء، بدلاً من مجرد الطلب منه فعل ذلك. لا تدعيه يشعر بالإحباط في حال فشل في تزرير قميصه مثلاً، بل قولي له: "لا بأس، لقد حاولت على الأقل. لا تفعل الأمر ذاته في المرة المقبلة". - استمعي جيداً إلى ما يقوله صغيرك. حاولي أن تفهمي ما يعنيه وان تقدري مشاعره. انظري مباشرة إلى عينيه عندما يتحدث إليك، لكي يعلم بأنك مهتمة فعلياً بما يقوله. هذا الأمر سيعزز ثقته بنفسه كثيراً. - اثني على إنجازات صغيرك وانتصاراته. وافتخري بما حققه، كأن تعرضي مثلاً الشهادات التقديرية التي نالها بافتخار. ركزي على نقاط قوته بدلاً من نقاط ضعفه. يمكنك وضع روزنامة بالإنجازات التي قام بها وتعليقها على باب الثلاجة مثلاً. - كوني صادقة معه، أو أجيبي دوماً عن أسئلته بصدق مع الحرص على اختيار الأجوبة التي تناسب سنه. * في سن ما قبل فترة المراهقة يحتاج طفلك في هذه السن إلى اهتمام أكبر ولتعزيز ثقته بذاته اعتمدي الخطوات التالية: - كوني خير عون له، وساعديه دوماً على واجبات أو أي مهمة صعبة بالنسبة إليه. شاركي في اجتماعات الأهالي وأنشطة المدرسة والمباريات، ولا تظهري أي امتعاض من قيامك بذلك. - تشبثي بموقفك وكوني مثابرة، فإذا قلت له إن في مقدوره مشاهدة التلفزيون في ساعات محددة فقط، عليك الالتزام بما تقولينه. يحتاج الأطفال إلى معرفة حدودهم. - انتقدي سلوكه السيئ وليس شخصه. عندما يسيء طفلك التصرف، أوضحي له أنك مستاءة من أفعاله وليس منه هو. من المهم جداً أن يؤمن بأنه إنسان جيد، لكنه ببساطة ارتكب خطأ ما. - شجعيه على الاستقلالية، من خلال حثه على تجربة أنشطة جديدة، واقتناص الفرص. فهذه الأمور تعزز ثقته بالذات. من المهم أن ترسمي له حدوداً وتضعي له قواعد، ولكن لا تنسي أن تمنحيه أيضاً حرية الاستكشاف والتطور. - استمعي إلى مخاوفه وقدريها. لا تتجاهليه إذا أبدى مثلاً قلقه حيال عدم تأقلمه مع أصدقائه أو عدم قدرته على إنجاز واجباته المدرسية، بل قدمي له المساعدة. لكن لا تتركيه يسترسل كثيراً في انتقاد ذاته. علميه أيضاً أن يحل مشكلاته بذاته، يمكنك أن تقولي له: "أستطيع أن أرى المشكلة، يمكنك ربما تجربة هذا الأمر فقد يساعدك على حل الموضوع". * المراهق إنها فترة دقيقة في حياة الطفل، لكنها مهمة لناحية تعزيز ثقته بذاته، هذا إذا تمكنت من اكتسابه لصفك. إليك الطريقة لفعل ذاك: - دعيه يشعر بأنه شخص مهم. استشيريه في بعض الأمور، واستمعي لرأيه كي يشعر بأن له أهمية. كذلك حاولي أن تتعرفي أكثر إلى الموسيقى التي يحبها وهواياته وأصدقائه، كي يشعر بأن ما يفعله له قيمة. شجعيه على زيارة أصدقائه. - تسلّحي بالمعلومات الكافية عن مخاطر التدخين والمخدرات والكحول كي تتمكني من مناقشة طفلك بشكل منطفي بعيداً عن الانتقاد. - استمري في إعلامه بأنك ستدعمينه في كل شيء يفعله، دعيه يعي أنك تحبينه. - إياك أن ترسي قاعدة وتقومي بعكسها، فهذا يسيء إلى صورتك في عينيه وستفقدين احترامك أمامه. - اثني عليه ثناء محدداً لتساعديه على بناء ثقته بذاته. اختاري مهارة محدودة، أو امدحي سلوكاً محدداً بدلاً من مدحه بشكل عام. مثلاً كأن تقولي له: "لقد أحسنت في رسم هذه اللوحة، وحسنا فعلت باختيارك هذا اللون الجميل الذي يتناسق مع محيط اللوحة". * أهمية تمتع الطفل بثقة كبيرة بالنفس: بينت إحدى الدراسات التي استمرت على مدى 30 عاماً وشملت 11500 طفل بريطاني، أن الأطفال الذين يملكون مستويات عالية من تقدير الذات يتمتعون بقدرة أكبر على التحكم في النفس. فقد أظهرت هذه الدراسة انخفاض عدد المدخنين بينهم، وارتفاع نسبة الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة الرياضية ويتناولون أغذية صحية وينتبهون إلى صحتهم، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض خطر تعرضهم للإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والسرطان والأمراض النفسية. كذلك، بينت أن الأطفال الذين يتمتعون بثقة عالية بالنفس تسهُل لديهم عملية تكوين صداقات، ويكونون أكثر تعاطفاً مع الآخرين. كما أنهم يميلون إلى إنجاز الكثير، وغالباً ما يكون أداؤهم الأكاديمي جيداً، ربما لأنهم يتمتعون بثقة كافية تجعلهم لا يخافون من الفشل والاستمرار في المحاولة