إننا في البداية نوضح أننا هنا لمحاولة الوصول إلى مقترحات ، تساعد ، على توعية الناس والتفهم الموضوعي لهذا الإنسان ... وأنه جزء لا يتجزأ منا ... فعلينا الوقوف معه ومعاضدته وتشجيع من حرم نعمة النسل على تبني مثل هؤلاء الأطفال ... ففي المجتمعات الغربية ، قد لايشكل اللقيط هاجسا ، فهو إنسان بالدرجة الأولى ومواطن كفلت له القوانين كافة حقوقه ، أما في المجتمعات العربية والإسلامية فالصورة تختلف حيث يستخدم وصف (( اللقيط )) من قبيل التشاتم والتنابذ بالألفاظ . أفضل تسمية هذه الشريحة باللقطاء وأرى أنه من الأفضل تسميتهم بذوي الإحتياجات أو الظروف الخاصة .... وعن محور النقاش الأول فهي بالفعل حالات موجودة في مجتمعاتنا وتشهد على وجودها دور الرعاية التي تحاول أن تقدم لهم التنشئة المناسبة لكنها بالطبع تختلف عن التنشئة الصحية للطفل في كنف أسرته ...
لكن إذا تحدثنا عن الخطأ في كينونة هذا الإنسان ، فهناك عوامل كثيرة يصعب حصرها من أخطاء ترتكب و احتياجات مادية وقد يكون الفقر وراءها ، وقوع بعض الفتيات فريسة لبعض الذئاب ، سواءا بالإغتصاب ، أو بالإستدراج تحت مسمى العشق والغرام .. أما عن كيفية تلافي تلك الحالات فلابد في البدايه من دراستها دراسة علمية سليمة ثم توضع المقترحات الملائمة ، وعلى فرضية أننا ندرك بعض هذه الأسباب فمن ضمن المقترحات نذكر : 1 ) تكثيف توعية الفتيات بعدم الأنخداع بشعارات الحب. 2 ) تحمل الأسرة مسؤولية التوجيه والرقابة والإقتراب من الأبناء وسلوكياتهم . الجهل بالأحكام الشرعية والمحرمات والعقوبات المترتبة عليها من أسباب وقوع هذه الحالات أولاً لاستعراض الأسباب من الناحية الشرعية فهي غالباً تنقسم إلى : 1 ) علاقة اتصال غير شرعي ينتج عنها مولود حاول أطرافه التخلص منه خشية العار أو الفضيحة . 2 ) أن لاتكون هناك علاقة محرمة ولكن لأسباب معينة كالحاجة والفقر . 3 ) أن تكون هناك نعرات أو مفاهيم جاهلية تقتضي التخلص من جنس معين من الأبناء ولو أني كنت أعتقد أن هذا الأمر قد انقرض إلا أنني اتفاجأ في بعض الأحيان بسماع قصص من هذا النوع . 4 ) أن يكون هناك جهل لمسائل النكاح والتبني فنسمع عن الزواج العرفي وغيره من أشخاص يتبنون مثلا طفل ثم يفاجؤا بمعرفة الحكم شرعي فيما بعد فيتركوا الطفل بجهل أيضاً للتخلص منه . و الجهل من أهم الأسباب .. ولايقتصر على عدم معرفة أن العلاقة محرمة أو أن هذا ممقوت ، بل يتسرب إلى عدم معرفة العقوبات المترتبة على تلك التصرفات وتلك العلاقات وربما الجهل بمقام الله الذي نهانا عن العلاقات المحرمة وهنا نحتاج إلى توعية ارشادية إيمانية قوية جدا على مستوى عامة مجتمعنا عموما وفي أوساط الشباب والفتيات خصيصاً .. وهذا الامر ليس حكرا فقط على خطباء المساجد والدعاة والعلماء وجهات الحسبة مع أنهم في الواجهة ، ولكنه واجب حتمي على كل فرد منا لأننا جسد واحد ولابد من تكافلنا دينيا قبل تكافلنا اجتماعيا أو مادياً .. وهذا يكون بالمناصحة المهذبة والتوجيه .. أما الحلول المقترحة : 1) الزواج ( فهو أغض للبصر وأحصن للفرج وهو نصف الدين وربما لايسعنا ان نسهب في فضائل هذه العبادة المباركة ) 2) شغل الشباب والفتيات وعدم تركهم عرضة للفراغ والمفاتن 3) تدارك ظاهرة البطالة والفراغ بالنسبة لماذا يفعل من يقع في هذا الأمر فالإجابة يمكننا أن نستخلصها من قصة الغامدية التي تابت من الزنا في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ولن أطيل في سردها فلابد أن الجميع يعرفها لكننا سنأخذ منها العبر فلابد من التوبة الصادقة من الشخص الذي اقترف هذا الذنب .... ونأخذ كذلك من وصايا تلك القصة : 1 ) غضب الرسول عليه الصلاة والسلام عندما رفض أحد الصحابة الصلاة عليها وهذا يعلمنا أن نتقبل التائب ونحترم توبته . 2 ) منح كافل المولود منزلة عالية تضعه في رفقة الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة ... وهذا يدل على مدى حرص الإسلام على الأبناء الذين ولدوا عن علاقة غير شرعية حيث أنهم لم يقترفوا ذنباً يستحقوون والعقاب عليه. وعلينا رعايتهم وكفالتهم فرض كفاية على المسلمين ليكون ابناً أو أخاً أو جاراً لنا، له مالنا وعليه ماعلينا لقوله تعالى ( فان لم تعلموا آبائهم فاخوانكم في الدين ومواليكم ) . تعرض اللقيط للإهانة والضغوط يجعله مهيئاً الاضطرابات النفسية والعقلية إلى جانب تعاطي الخمور أو المخدرات في مراحل الشباب لكي يبتعد عن التفكير في المشكلة المتعلقة بكينونته نود أن نشير هنا إلى حساسية الطفل اللقيط خاصة إذا تعرض إلى الإهانة من المشرف أو توجهت إليه عبارة تهز كيانه .... فهو يدرك بكل حواسه أن لكل طفل أم وأب ، وهو غير معروف الأب ولا الأم ، فما بالك إذا ضاعفنا الضغوط عليه و خرج للمجتمع ؟ ... هذا الطفل يصبح مهيئاً فيما بعد للاضطرابات النفسية والعقلية بل وكثيراً ما نجد أن مدمني الخمور والمخدرات هم من هذه الفئات التي تتعاطاها للابتعاد عن التفكير في هذه المشكلة المتعلقة بكينونتهم . فكلنا يعلم أن السنوات الأولى من حياتنا لها تأثير كبير في نوعية الشخصية التي نطورها ، فإن اهتممنا به في تلك المرحلة فقد نجنبه مثل تلك الاضطرابات ... من جهة أخرى هناك فروق فردية لابد من اخذها بالإعتبار ، فالبعض لديه القدرة على التحمل وتجاوز ذلك كله ... وقد نجد منهم من تفوق علميا وأصبح أستاذاً جامعياً ، او يشغل مراكز هامة ، أو ينجح في التجارة والاستثمار .... فالمطلوب منا أن نوفر لهم برامج التوجيه والإرشاد النفسي الملائمة في الصغر وحبذا لو نقلناهم من ذلك التجمع المسمى دورا، إلى دور داخل الأحياء ، ومنحناهم أسماء لايشك فيها لنعالج مشاكلهم .
النظرة السيئة التي يواجهها اللقيط من المجتمع عندما يصل لمرحلة الإدراك تولد بداخله الغيرة والمشاعر السلبية
فالطفل حينها يبدأ بإدراك ويخرج متفائلاً لانه يعتقد ان المجتمع يرحب به ومتقبل ومتفهم لوضعه لكنه هنا يصطدم بواقع المجتمع بالنبذ والتحقير والنفور الذي يدفعه للعزلة والتساؤل عن وضعه وأهله وسبب وجوده هنا ... و تبدأ الغيرة والإحساس يتكون من ردة فعل المجتمع ومع مرورالأيام غالبا ما يتكون بداخله حقد على الأبوين يتبعه حقد على المجتمع الذي لم يقدر وضعه و نظر اليه كمنذنب .... هناك في المؤسسة أنظمة لدمجهم بالمجتمع كالأسر البديلة والأسر الصديقة والزيارات المفتوحة ... كل ذلك خفف من تلك النظره أحيانا وزادها في أحيان أخرى
ولكن توجد صعوبات مثلاً لانستطيع أن نجعل الأم الحاضنة مع الأطفال طوال اليوم وأغلبهم يعملون بالتناوب في فترات صباحية ومسائية ، هنا يعاني الطفل من ازدواجية في التنشئة فهذه تربي بطريقة تختلف عن الأخرى بالإضافة إلى تدخل الطاقم الإداري والإشرافي وقد يتلقى الطفل أوامر ونواهي متناقضة من عدة أشخاص يعتبرون سلطة ضابطة وهذا يؤثر عليه نفسياً . من السهل جداإظهار التعاطف مع مشكلة اللقطاء لكن المشكلة الأساسية أننا بصراحة لانستطيع تغيير نظرتنا من الداخل , فاللقيط يظل لقيطاً في نظرنا ونظر المجتمع ولايقبل أحد مثلا أن يزوج ابنته من شخص يعرف أنه لقيط أو العكس فماهو العلاج للمجتمع قبل أن نعالج هؤلاء ؟ لايجوز محو السيء بالسيء بأن تجهض المرأة حملها إذا وقعت في الخطيئة ولكن شرع الله ودين الرحمة يعلو ولايعلى عليه .. فقد منع وحرم قتل الجنين وإجهاضه مهما كانت نطفته ومصدرها من حلال أو خطيئة .. وقد فرض الوصاية على هذا الجنين وإن كان لقيطا بأن ينفق عليه ويرعى مثل ابنائنا إلى أن يبلغ اشده بل ويحكم على إ سلامه وإن كان من أبوين كافرين ويعتبر حرا غير رقيق وله حقوقه الكاملة كمسلم حر واذا عدم المال فبيت المال مأمور ان يكفله ويرعاه وينفق عليه إلى أن يبلغ اشده ويقدر على الاكتساب بنفسه وفي وضعنا الراهن فيجب على ولي أمر بلدته ان يكفل علاجه وتعليمه ودراسته وهذا شرعاً قبل كونه قانوناً هكذا افتى سلفنا الصالح .. ماحكم الشرع في التكفل باللقيط ؟ هل لكافله نفس أجر اليتيم ؟ :بالنسبة للأجر فنعم لأن مجهول الأبوين محروم مثله مثل اليتيم بل يقع كثير من الاحكام عليه مثل الاحكام الواقعة على اليتيم ... فالمعروف معه يوازي إن لم أقل يزيد على أجر اليتيم .. ولعل ذلك يرجع لأسباب وهي أن اليتيم له من يعود إليه من الأقارب فهو فقط محروم من حنان الوالدين أو احدهما .. أما هذا البريء المسكين فهو محروم من أكثر من ذلك اذا استشعرنا حالته فهولا أهل له ولا حماية ولا معيشة فكيف بالله عليك حين يجد قلبا دافئا يحويه ويحتضنه ويعوضه مافقد لاشك أن ذلك الكريم سينال عند الله أجرا عظيما ... ويكفي أن نرى في الاحكام أن كافل اللقيط يعطى من الصلاحيات كالنسبة وغيرها مالا يعطى كافل اليتيم وكل ذلك تحفيزا من الشارع وترغيبا في هذا الخير العظيم .. ـ يجب تعزيز إحساس كل فرد في المجتمع بدوره الذي يفرضه عليه دينه وانتماؤه لمساعدة هذه الفئة بالدعم المادي أو النفسي وزيارة مراكز الرعاية والاحتكاك بمن تأويهم لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وزرع الحب في نفوسهم .