الرياض: «الشرق الاوسط» نبه الباحثون من نيويورك إلى ضرورة الاهتمام باللثة لدى مرضى السكري من الصغار في السن بعد النتائج المثيرة التي خرجوا بها في واحدة من أهم الدراسات التي تربط مرض السكري بمضاعفات قصيرة المدى علي صحة اللثة والأسنان. ومن جهة أخرى بدأت دراسة عالمية تشمل أكثر من 220 ألف طفل ومراهق في مراكز طبية شتى من مناطق العالم لمعرفة السبب الجيني للانتشار المتزايد في حالات مرض السكري لدى صغار السن، أو النوع الأول من مرض السكري. وقال الباحثون من المركز الطبي التابع لجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك الأميركية إن علاقة مرض السكري لدى البالغين بالتهابات اللثة وتسوس الأسنان معروفة منذ مدة، لكن الجديد هو اكتشاف أن نسبة عالية من مرضى النوع الأول من السكري أو سكري الأطفال هم أيضاً عرضة للإصابة بهما، وأن خطورة الإصابة بمشاكل اللثة والتسوس ليست أحد المضاعفات المتأخرة للسكري فقط.
الباحثون قاموا بمقارنة متابعة أكثر من 180 طفلا ومراهقا تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 18 سنة من مرضى السكري، بأكثر من 160 من غير المرضى وفي نفس العمر. وأظهرت النتائج التي تم نشرها ضمن دراسات عدد فبراير (شباط) من مجلة العناية بمرضى السكري الأميركية أن حوالي 60% من مرضى السكري الذين تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 11 سنة لديهم مؤشرات التهابات اللثة، هذا بالمقارنة مع 30% ممن هم في نفس السن لكن غير مرضى السكري. كما أن المثير هو أن 80% من مرضى السكري الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة لديهم مؤشرات التهابات اللثة. وسيقوم الباحثون باستكمال الدراسة لمتابعة أكثر من 700 طفل ومراهق لمدة أطول.
* من جهته علق الدكتور أحمد كنعان من جامعة ديترويت ميرسي بولاية متشغن الأميركية قائلاً إن من الضروري التنبه إلى آثار مرض السكري على جهاز مناعة الجسم واضطراب أدائه لوظائفه، فالبكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في الفم تنشط بشكل أكبر لدى مرضى السكري من الأطفال والبالغين، وبالتالي تؤثر بصفة مباشرة على اللثة، الأمر الذي يحتم اهتمام الأهل بهذا الجانب خاصة مع ظهور العديد من الدراسات الطبية في الآونة الأخيرة التي تربط بين مشاكل اللثة واضطرابات أعضاء شتى في الجسم كالقلب والكبد وغيرهما. والدراسة هذه من جامعة كولومبيا بنيويورك تشير بشكل واضح إلى هذه المشكلة التي قد تصيب الأطفال من مرضى السكري بشكل لم يتم التنبه إليه من قبل.
وأضاف إن مما على الأهل ملاحظته هو المؤشرات المبدئية أو أعراض التهابات اللثة، والتي منها احمرار وانتفاخ اللثة وسهولة نزيف الدم منها عند الضغط البسيط عليها أو أثناء فرش الأسنان وتنظيفها. وأكد الدكتور كنعان أن المعالجة وبلوغ مرحلة الشفاء من التهابات اللثة هي أسهل ومضمونة بنسبة عالية بخلاف ما لو كانت لدى البالغين، وأوضح أن بالمتابعة مع طبيب الأسنان عبر زيارته مرة كل ستة أشهر أو أقل منها، وبمداومة الأم على ملاحظة تنظيف الطفل لأسنانه بالمعجون والفرشاة ومتابعة الطبيب للتقدم في العلاج، فإنه يمكن التغلب علي هذه المشكلة لدى الأطفال المصابين بمرض السكري أو غيرهم من السليمين منه. من ناحية أخرى بدأت في الولايات المتحدة دراسة عالمية بإشراف المؤسسة القومية للصحة، ستشمل ما يربو على 220 ألف طفل من السليمين من مرض السكري ومتابعتهم لمدة أربع سنوات في سبعة من المراكز الطبية في الولايات المتحدة وخارجها. وستعتمد الدراسة على الفحص الجيني ومتابعة أثر نتائجه في زيادة عرضة الإصابة بمرض السكري. والدراسة التي سيتولى رئاستها البروفسور جن زونغ شي مدير مركز أبحاث طب التقنية الحيوية والجينات في كلية الطب بجورجيا بولاية أطلنطا الأميركية تعد استكمالاً لدراسات سابقة قام بها البروفسور شي وفريقه حول دور الجينات واضطراباتها في زيادة عرضة التأثر بأسباب مرض السكري لدى الصغار.
ويظهر السكري لدى صغار السن نتيجة حصول اضطرابات في جهاز المناعة من غير المعروف حتى اليوم بواعث حصولها، تؤدي بالنتيجة إلى استهداف خلايا مناعة الجسم لخلايا بيتا في البنكرياس التي تفرز هرمون الأنسولين المنظم لنسبة السكر في الدم ومدى استفادة خلايا الجسم منه في إنتاج الطاقة.
وعادة ما يظهر المرض بشكل متسرع لدى الأطفال بعكس الكبار، إذ تبدأ أعراض العطش وكثرة شرب الماء وكثرة التبول في الظهور، مع انخفاض وزن الجسم برغم الزيادة في الأكل. مما يتطلب تعويض اختفاء الأنسولين في الجسم عبر أخذ حقن الأنسولين بشكل يومي منعاً للإصابة بارتفاع نسبته إلى حد المعاناة من الغيبوبة، أو ظهور مضاعفاته وتداعياته بعيدة المدى.
وتمثل العناية بمرض السكري مصدر قلق للأهل، لكن بالمتابعة السليمة وتفهيم الطفل شيئاً من المعلومات عن المرض ووسائل علاجه وطرق الوقاية من الإصابة بمضاعفاته يمكن الحصول على تعاون أكبر من الأطفال مع العلاج.