( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص ، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فى ما هم فيه يختلفون ، إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار * لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ، سبحانه ، هو الله الواحد القهار )
القرآن العظيم منزل من عند الله القوى منيع الجانب الحكيم فى أقواله وأفعاله وأقداره
فاعبد الله وحده لا شريك معه وأخلص له العبادة
ولا يقبل الله من الأعمال إلا ما خلص منها له وحده
هؤلاء الكفار يقولون عن الأصنام ليشفعوا لهم عند الله فهم يعتبرونها صور للملائكة المقربة من الله ويقولون أنها تقربنا من الله لمنزلتها عنده
وهذا كذب وافتراء على الملائكة وكذب على الله والجميع عبيد لله وحده خاضعين له
والله يحكم يوم القيامة بين العبادفيما اختلفوا فيه
والله لا يرشد من ضل فى الدنيا وتعمد الكذب
ويرد الله على اليهود والنصارى ويقول بأنه واحد أحد وليس له ولد
ولو أراد اتخاذ الولد لأختار أصفاهم وليس ما يزعم الكفار
فتنزه الله عن اتخاذ الولد وهو الواحد الأحد القاهر فوق عباده عنى عمن سواه وذلت له الرقاب .
الآيات 5 ، 6
( خلق السموات والأرض بالحق ، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ، وسخر الشمس والقمر ، كلٌ يجرى لأجل مسمى ، ألا هو العزيز الغفار * خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ، يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق فى ظلمات ثلاث ، ذلكم الله ربكم له الملك ، لآ إله إلا هو ، فأنى تصرفون )
يخبر الله تعالى أنه خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهن وأنه يقلب الليل والنهار وسخرهما يجريان إلى أجل مسمى متعاقبين وسخر الشمس والقمر لمدة يعلمها حتى يوم القيامة
وهو عزيز قوى لا يغالب ومع ذلك فهو غفار لمن تاب وأصلح ورجع إليه
خلق الإنسان من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام بالرغم من اختلاف ألوان الناس وأجناسهم وأشكالهم ولغاتهم
وخلق من ضلع آدم حواء زوجة له
وخلق من الأنعام ثمانية أزواج ( من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين )
وقدر الناس فى بطون أمهاتها طورا بعد طور ( من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم إنسان متكامل من لحم وعظم ودم وعروق ثم نفخ فيه الروح )
وذلك فى ظلمات ثلاث هى ظلمة الرحم وظلمة المشيمة وظلمة البطن
فهذا الذى خلق كل ماسبق هو الله وحده لا شريك له
فإلى أين ينصرف الكفار والمشركين بالعبادة لغيره سبحانه
الآيات 7 ، 8
( إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ، ولا يرضى لعباده الكفر ، وإن تشكروا يرضه لكم ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون ، إنه عليم بذات الصدور * وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله ، قل تمتع بكفرك قليلا ، إنك من أصحاب النار )
يقول سبحانه أنه الغنى عن عباده ، ولا يحب ولا يأمر عباده بالكفر إنما يحب أن يشكر عباده حتى يزدهم من فضله
وكل نفس محاسبة عن ذاتها ولا يحمل أحد وزر الآخر
وإلى الله المرجع فلا تخفى عليه خافيةويخبر كل نفس بما عملت
وهذا هو الإنسان إذا أصابته مصيبة لجأ إلى الله ودعا وتضرع إليه ليستغيث به
ثم إذا كان فى رفاهية ونعمة نسى ما كان من ضيق ونسى ربه وكفر وجعل له الشركاء إلا من عصم الله
فقل لهؤلاء يا محمد تمتعوا فى الدنيا قليلا وسوف تلقون نتيجة عملكم يوم الحساب عندما تلقون فى النار .
الآية 9
( أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه ، قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، إنما يتذكر أولوا الألباب )
لا يتساوى عند الله الكافرون الذين وصفهم فى الآية السابقة والمؤمنون الذين يخشون الله ويترقبون الآخرة ويتمنون رحمة الله ومغفرته
مثلما تماما لا يتساوى الذى يعلم والذى لا يعلم
إن المؤمنون هم أصحاب العقول التى تميز بين الحق والباطل .
الآيات 10 ـ 12
( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم ، للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة ، وأرض الله واسعة ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب * قل إنى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين * وأمرت لأن أكون أول المسلمين )
ينصح الله المؤمنين بأن يصبروا ويستمروا على طاعة الله وتقواه ولمن أحسن العمل الخير فى الدنيا والآخرة
وينصحهم بأن يهاجروا فى أرض الله الواسعة جهادا فى سبيل الله والبعد عن الأوثان
ويعدهم بالأجر الوفير جزاء لصبرهم
وقل لهم يا محمد بأنك أمرت بالإخلاص فى عبادة الله وأأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده
وأنك يا محمد أول من أسلم من أمته
الآيات 13 ـ 16
( قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم * قل الله أعبد مخلصا له دينى * فاعبدوا ما شئتم من دونه ، قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين * لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ، ذلك يخوف الله به عباده ، يا عباد فاتقون )
قل يامحمد للكافرين : بالرغم من أنك رسول الله فأنت تخشى الله وتخاف معصيته وتخشى عذاب يوم القيامة
قل لهم أنك تعبد الله وحده وتتبرأ منهم ومما يعبدون من دون الله لأنهم هم الخاسرون يوم القيامة وخاسرون أبناءهم وأولادهم وأنفسهم يوم الحساب فلا اجتماع لهم معهم فى النار ولا سرور
ففى النار تحيط بهم دخان النار والعذاب
فاتقوا الله لتنجوا من العذاب
الآيات 17 ـ 18
( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى ، فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك هم أولوا الألباب )
ومن يبتعد عن عبادة الأوثان واتجه لعبادة وطاعة الله الواحد فلهم البشرى بالجنة وحسن الثواب فى الدنيا والآخرة فبشرهم يا محمد
بشر هؤلاء الذين إذا سمعوا قولا تدبروه واتبعوا أفضل الأعمال هؤلاء الذين هداهم الله وحباهم عقول راجحة
الآيات 19 ـ 20
( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار * لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار ، وعد الله ، لا يخلف الله الميعاد )
إنك لن تقدر أن تنقذ من كتب الله عليه أنه فى عذاب النار ولا تهديه من بعد الله
أما من كتب لهم أنهم سعداء فلهم نعيم مقيم فى الجنة ، يسكنون قصورا طبقات مبنية عالية ينعمون بأنهار من الخير لا نفاذ لها
وهذا هو ما وعدهم الله به والله لا يخلف وعده
...........................
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون فى الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدرى الغارب فى الأفق الطالع فى تفاضل أهل الدرجات " فقالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " بلى والذى نفسى بيده وأقوام آمنوا بالله وصدّقوا الرسل " .
الآيات 21 ـ 22
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ، إن فى ذلك لذكرى لأولى الألباب * أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ، فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ، أولئك فى ضلال مبين )
يوضح الله هنا أن الماء ينزل من السماء ثم يكون فى الأرض الينابيع والأنهار ويسقى به الزروع التى تنبت الثمار مختلفة الأنواع ومختلفة الطعم والشكل واللون والرائحة والمنفعة
وبعد ذلك يكبر الزرع وييبس ويتحطم مثله فى ذلك مثل الإنسان وباقى المخلوقات ....... فاعتبروا يا أصحاب العقول .
فلا يتساوى من فتح الله قلبه وشرحه للإسلام وامتلأ بنوره كمن هو قاسى القلب لا يتأثر بذكر الله
فالويل والعذاب لمن كان فى ضلال ولم يخشع .
الآية 23
( الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ، ومن يضلل الله فما له من هاد )
لقد جعل الله القرآن كلماته متشابهة وآياته متشابهة ومعانيه متشابهة ليفهمه الناس
و( مثانى ) يذكر فيه الشئ وضده كذكر المؤمن والكافر ، والأبرار والفجار ، وصفات الجنة وصفات النار ، وتكرار ذكر الأنبياء فى مواضع مختلفة ............... وهكذا .
إذا سمعه المؤمنون ولما يسمعون من التهديد والوعيد تقشعر جلودهم من خشية الله والخوف من عذابه وتمنى ثوابه
وتتحول هذه الخشية والقشعريرة إلى ميل القلب للطاعة وذكر الله ويميلون لرحمته وعفوه عز وجل .
وهذا هو الهدى الذى يهدى به الله من آمن من عباده ومن شاء منهم
ولكن من أضله الله فليس له من يهديه من بعد الله بظلمهم .
الآيات 24 ـ 26
( أفمن يتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ، وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون * كذّب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون * فأذاقهم الله الخزى فى الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أكبر ، لو كانوا يعلمون )
فلا يستوى من يلقى فى النار يوم القيامة بغير حساب والذين هم آمنون من العذاب سعداء فى الجنة
افعلوا ما يحلوا لكم من خير وشر فالله يعلم ويرى كل أفعالكم وستجزون عليها
فقد كذبت أقوام من قبلهم فى العصور القديمة فأهلكهم الله وعذبهم بذنوبهم
وأذاقهم من العذاب بما أنزل عليهم فى الدنيا وعذاب الآخرة سيكون أعظم من ذلك
فليتهم كانوا يعلمون ليتقوا العذاب
الآيات 27 ـ 31
( ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذى عوج لعلهم يتقون * ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا ، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون )
يقول تعالى :
ـ لقد بينا للناس بالأمثلة فى القرآن لكى يعتبروا
ـ فالقرآن باللغة العربية الواضحة لا عوج فيها ولا شك ولا لبس لعل الناس تحذر الوعيد ويعملون للفوز بالوعد
ـ وهنا يضرب الله مثلا برجل هو عبد لشركاء فيتنازعون عليه
ورجل آخر هو عبد لرجل واحد فلا تنازع
كذلك المشرك الذى يعبد آلهة مع الله والمؤمن الذى لا يعبد إلا الله ..... لايتساويان
ـ فأنت يا محمد ستموت وهم يموتون ثم يحكم الله بينكم يوم القيامة
والعموم هو أهل الإيمان وأهل الكفر يحكم الله بينهما يوم القيامة .
الآيات 32 ـ 35
( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه ، أليس فى جهنم مثوى للكافرين * والذى جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون * لهم ما يشاؤن عند ربهم ، ذلك جزاء المحسنين * ليكفر الله عنهم أسوأ الذى عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذى كانوا يعملون )
ليس هناك ظالما أكثر من المشرك الذى جعل مع الله آلهة أخرى إفتراء عليه
إنهم مثواهم جهنم وبئس المصير
أما الرسول الذى جاء بالرسالة عن ربه وهو جبريل رسول الملائكة والنبى محمد الذى صدق بما جاءه ومن اتبعوهم بالتصديق فهم المؤمنون المتقون ولم يشركوا بالله
لهم كل ما يتمنون من الله من حسن الجزاء
وسوف يغفر الله لهم جميع سيئاتهم مهما بلغت ويكافئهم بأحسن ما عملوا .