تتناول هذه المقالة الحديث عن موضوع هام جداً و خطير جدا بقدر ما هو بسيط جداً بحيث انه يستحق القول ( السهل الممتنع ) الا و هو علاج الحمى او السخونة و كيفية التعامل معها , و اود ان اشير منذ البداية ان الناس يخلطون بين السخونة و الحرارة اذ يحضرون اطفالهم الى الطبيب و يقوولون له : ابننا عنده حرارة و يقصدون بذلك الحمى او السخونة , ذلك ان كل انسان سواء كان كبيراً او صغيراً رجلاً او امراءة عنده حرارة , و حرارته الطبيعية تتراوح ما بين 36.5 الى 37.5 و نادراً جداً ان تكون 37ْ م بالضبط , فهي اما ان ترتفع قليلاً لتصل الى درجة 37.5ْ م او تهبط قليلاً لتصل الى 36.5ْم , فاذا انخفضت اقل من 36.5ْ م فهي منخفضة بشكل غير طبيعي و قد تصل الى درجة الفتور, واذا زادت عن 37.5ْ م فيعني ذلك ان الطفل محموم اي مصاب بالحمى او السخونة و لا نقول عنده حرارة .
اذن الصح ان نقول للطفل الذي ترتفع درجة حرارة جسمه عن 37.5 ْ م ان مصاب بالحمىاو السخونة او نقول : ان درجة حرارة جسنه مرتفعة و لا نقول عنده حرارة لان كل انسان عادي عنده حرارة .
ما دفعنى للكتابة في هذا الموضوع هو الاهمية الكبيرةالتي يوليها الاطباء للسخونة و مدى خطورتها عند الطفل و ما قد تسببه من اضرار تلحق بمخه فتؤثر سلبا على مجرى حياته الى الابد , و كذلك ملاحظاتي لجل الناس حقيقة السخونة و اضرارها و كيفية التعامل معها , و لهذا رأيت من الفيد ان اوضح للناس ما هي الحمى او السخونة , و مدى خطورتها على الطفل , وما تؤثره على جسم الطفل و تلحق به من الاختلاطات الخطيرة .
ما اسهل ان يصاب الطفل بسخونة مفاجئة فتطرحه الفراش و تنسيه اللعب و الركض , و المهم ان تعرفه هو ان ارتفاع درجة حرارة الجسم اكثر من 39ْ م يعد خطراً لانها قد تؤدي الى التشنج مما يلحق الضرر بمخ الطفل و احياناً يحس الطفل المحموم بالبرد فيرتعش حتى و هو جالس في الشمس و هي ما تعرف " بالقشعريرة " , و يسمسها الجزائريون ( الحمى الباردة ) و هي علامة على ان جسم الطفل المحموم ينتج حرارة و ان حرارته ترتفع , و حين يحس بالسخونة و يعرق يفقد جسمه الحرارة فتهبط حرارة جسمه و حين يبرد الجسم من التعرق يمر مقدار اقل من الدم خلال الجلد فتبدو البشرة باردة و شاحبة باردة و شاحبة , لكن الجسم يدخر الحرارة ليحتفظ بالدفء داخله .
ان ارتفاع درجة حرارة الطفل الذي يقل عمره عن ثلاث سنوات لما فوق 39 ْ م لمدة ساعتين غالبا ما تؤثر على المخ , و يصاب الطفل بالتشنجات التي قد تتكرر مرات اخرى , و حينها تؤدي الى اصابته بالصرع و ما ينتج عنه من مضاعفات , و لهذا فان الام و هي الاشد التصاقا بطفلها , و الادرى و الاعلم بحاله و ما يمر به من تغيرات و اعتلالات مطالبة باكتشاف السخونة او الحنى بمجرد ظهورها على طفلها , و ان تبادر بسرعة الى مكافحتها و ان تعمل على خفضها قبل ان تؤثر سلباً على جسم طفلها . فالام اذا ما لاحظت شيئاً من الفتور على طفلها او تغير في سلوكه و نشاطه عليها ان تقيس درجة حرارته و ابسط الطرق و لكن اقلها دقة هي اللمس باليد او وضع وجنتها ( خدها ) على جبين الطفل و وجهه ,فيمكن للام ان تعرف و لو تقريبياً الاجسام , فيجب على كل ام ان تقتني في منزلا ميزان حرارة و افضلها الميزان ان كان الطفل يعاني من الجمة او السخونة و لكن الان انتشرت موازين قياس الحرارة الزجاجي – الزئبقي لانه اكثرها دقة و خاصة عن طريق الشرج , و يفضل تجنب قياس الحرارة للطفل الذي يقل عمره عن 5 سنوات عن طريق الفم و هناك الميزان الالكتروني و هو دقيق و سهل الاستعمال و لكنه غالي الثمن , و الميزان الورقي الذي تتلون فيه الورقة مابين اللونين الازرق و الاخضر حسب مقدار ارتفاع درجة الحرارة . و لو انه غير دقيق الا انه يعطي فراءة جيدة
اشكال السخونة :
تظهر السخونة على اشكال مختلفة , فمنها ما يأتي لفترة قصيرة ثم يختفي خلال ساعات من النهار دون ان يعرف سببه و تعرف باسخونة العرضية او العابرة . و منها ما يظهر على شكل بطيء خلال ايام او اسابيع يتطور بتطور شدة المرض المسبب للسخونة , و من اشكالها ما يستمر اسبوعاً ثم يختفي ثم يعود ثانية بعد فترة اخرى و هذا في حالة السرطان , و من السخونة ما تأتي يوماً و تختفي يوماً اخر ثم تظهر في اليوم الثالث ثم تختفي و هكذا دواليك و تظهر هذه السخونة في مرض الملاريا و من اشكال السخونة ما يستمر الى فترة طويلة دون ان تنزل درجة الحرارة الى الحد الطبيعي و منها ما هو متأجح صعودا و هبوطا عدة مرات في اليوم و هي الحمى المتموجة
تاثيرات السخونة على الجسم :
اذا ظهرت السخونة على طفل لاي سبب كان فانها تحدث في جسده تغيرات كثير مثل : تسارع النبض ( دقات القلب ) , و تسارع التنفس اللذي يصبح سطحياً و غير فعال , و كذلك شحوب اللون و البرودة في الجلد او ازرقاق , ثم التعرق الشديد و دفئ في الجلد , و قد تؤدي السخونة الى ان يفقد الطفل الوعي و يغمى عليه و يصاب بالتشنجات
اسباب السخونة :
من المهم جدا ان يعلم الاهل و خاصة الام ان السخونة ليست مرضاً , و انما هي علامة على وجود مرض ما في جسم الطفل ادى الى ظهور السخونة . ان معرفة السبب هذا هامة جداً من اجل استخدام العلاج المناسب و الفعال لهذا السبب , لان اعطاء ادوية غير نوعية و غير مناسبة لا يفيد شيئاً في العلاج فمثلاً لو اعطينا المحموم خافضات الحرارة مثل الباراسيتامول و الاسبيرين فانها لن تنفع مطلقاً في خالة ما تكون السخونة ناتجة عن السرطان و كذلك لن تشفي حالة من حالات الملاريا او السل و لهذا يجب معرفة السبب لاعطاء العلاج المناسب . و هناك اسباب كثيرة تؤدي الى ظهور السخونة عند الاطفال و اهمها :
ذكرت آنفاً ان الحمى ليست مرضاً تعالج بعلاج خاص بها فتشفى , و انما هي علامة لوجود مرض ادى الى ظهورها فالعلاج الشافي الحقيقي هو علاج السبب , بمعنى انه يجب البحث عن المرض المسبب لها و علاجه , فاذا شفي هذا المرض فان السخونة تزول و درجة حرارة الجسم تهبط الى الحد لطبيعي , و هذا العلاج يستوجب عرض الطفل المحموم على الطبيب الذي يقوم باجراء الفحص السريري لجميع اعضاء الجسم بعينيه و يديه لاكتشاف اي مرض ظاهر , و الا فانه يجري فحوصة مخبرية و شعاعية لتساعده في معرفة المرض المسبب , و من ثم علاجه فتزول السخونة .
و لكن بانتظار الوصول الى الطبيب , و خاصة في المناطق النائية التي يصعب فيها الوصول الى الطبيب بسهولة فان على الام ان تعمل بسرعة فائقة على مكافحة ارتفاع درجة حرارة جسم طفلها , و تعمل على خفضها للوقاية من حدوث المضاعفات , فيجب عدم السماح للسخونة بالاستمرار لاكثر من بضع دقائق و الا احدثت اضرارا للمخ , و الجميع يلاحظون ان الانسان البالغ و الكبير عندما يصاب بالسخونة يظهر عليه ( الخراف ) او ما يعرف ( بالهتورة و التخريف ) فما بالكم بالطفل الصغير ؟
وأفضل طريقة لمكافحة السخونة و خفض درجة حرارة الجسم المرتفعة هي استخدام الماء البارد على جميع الجسم و خاصة البطن و الرأس , و هي المستخدمة في المتشفيات الجامعية .
ان هذا الاجراء العلمي الهام و السهل و النافع جدا و الذي اكتشقه اطباء الاختصاص في القرن العشرين امر به رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل اربعة عشر قرناً فقد وجه عليه الصلاة و السلام الناس لمكافحة السخونة او الحمى بالماء البارد , ففي الصحيحين عن نافع بن عمر ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " انما الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء " ( متفق عليه و اخرجه ايضاً النسائي و ابن ماجه و مالك و احمد ) , و انما قصد بقوله من فيح جهنم تشبيهها بلهيب النار .
و عن ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الحمى من كير جهنم فنحوها عنكم بالماء البارد " ( الحديث صحيح و رجاله ثقاة ) و قد مارس رسول الله صلى الله عليه و سلم هو نفسه هذا العلاج الاولي فكان : " اذا حمى دعى بقربة من ماء فافرغها على رأسه فاغتسل "
و قد روى الترمذي في جامعه من حديث رافع بن خديج – يرفعه – " اذا اصاب احدكم الحمى فليطفئها بالماء البارد " و ليقل : بسم الله , اللهم اشف عبد ك و صدق رسولك " . و هذا توجيه من رسول الله لى الله عيه و سلم لاستخدام الرقية الشرعية لعلاج الحمى الى جانب استخدام الماء البارد , فلترقي الام او الاب او اي شخص اخر الطفل المحموم بالرقيا التي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يرقي بها اهله : " اذهب البأس رب الناس , اشفه انت الشافي , لا شفاء الا شفاؤك , شفاء لا يغادر سقما " ( رواه مسلم ) و كذلك يرقي بالرقية التالية : " اللهم اذهب عنه حرها و بردها و وصبها "
و الى جانب ذلك يمكن استعمال دواء الباراسيتامول شراب او تحاميل و هو على انواع منها ريفانين و بانادول و غيرهما . و لكن يجب تحذير الاهل من استخدام الاسبرين عند الاطفال الرضع , فلا ينصح باستخدامه لانه قد يؤدي الى ظهور متلازمة ريي و هي عبارة عن اصابة الدماغ بمرض غير انتاني من اعراضه : التقيؤ , اضطراب الوعي , تضخم الكبد , و التشنجات .
كذلك يجب التقليل من الملابس التي يرتديها الطفل , لان زيادة الملابس او الملابس الثقيلة و الاغطية الزائدة تعمل على ارتفاع درجة حرارة الطفل , و يمكن استخدام المروحة او المكيف لخفض درجة حرارة الغرفة و مما يساعد على خفض درجة حرارة جسم الطفل المحموم , و يفضل المحافظة على درجة حرارة الغرفة ما بين 19 – 20 درجة مئوية .