تقسم المخاوف التي تصيب الأطفال إلى نوعين تبعاً لتقدم نمو الطفل النوع الأول بسيط يتعلق بدافع المحافظة على البقاء ويشمل مخاوف الأطفال العادية التي تظهر في الحياة اليومية وتسهل ملاحظتها كالخوف من الظلام والحيوانات واللصوص 0 فالظلام هو مايعده الطفل نوعاً من الوحدة حيث يترك المرء وحيداً دون وقاية أو طمأنينة وهو المكان الذي يتوقع مجيء الأخطار فيه وهذا ما يسمى بالخوف من المجهول 0 ولعل الطفل حين يصفر وهو يصعد الدرج في الظلام صفيراً خفيفاً أو يغني لا يفعل أكثر من تعزيز إحساسه بالطمأنينة والأنس كما يفعل البسطاء بإبعاد الخطر الكامن في الظلام بوساطة التعاويذ 0 ونظراً لما يحدثه الظلام من رعب فإنه يصبح شخصاً يمكن أن ينزل العقاب بالطفل ويمكن تفادي الخوف من الظلام بأن نعود الطفل النوم وحده وألفة الظلام حيث تكون الحالة الملازمة للنوم الهادئ 0
والخوف من الحيوانات والشرطة والأطباء والأماكن العالية كلها من المخاوف الموضوعية البسيطة الأكثر شيوعاً وعلى الآباء أن يعرفوا ذلك ليسهل التغلب على الخوف ويصبح أمراً ممكناً 0 فالأطفال يخافون من أي شيء جديد أو غريب ولكن هذا يزول بسرعة إذا ما هيء للطفل الوقت الكافي حتى يألف موضوع خوفه 0 إلا أنه لا بد من الإشارة هنا إلى أنه لا يجوز دفع الصغار وإقحامهم في المواقف التي تخيفهم بغية إعانتهم في التغلب على الخوف 0 والخوف الذي يتصل بالتجارب الحقيقية في مرحلة الطفولة قد يكون أمراً ضرورياً للإبقاء على النفس وتوجيه السلوك 0 غير أنه يجب عدم الإسراف في إثارة مثل هذه المخاوف لئلا تزداد شدتها وتصبح عاملاً معوقاً لنشاط الطفل 0
ومن الحكمة أن نشجع الطفل بعد تعرضه لإحدى التجارب المزعجة على التحدث عنها كما يشاء حتى تظهر أقل غرابة وأكثر ألفة بدلاً من دفنها في أعماق نفسه مما يكون له أثر بالغ في حياته المقبلة ومن المستحسن أن يمتنع الأهل عن الاستهزاء بالطفل إذا خاف واتهامه بالغباوة أحياناً وأن يظهروا له بأنهم يقدرون مشاعره وإن هذه المشاعر المنافية لن تدوم طويلاً 0
أما النوع الثاني من المخاوف فهو يرتبط بالشعور بالأثم في نفس الطفل نتيجة لصلته بالقائمين على توجيه سلوكه 0 إن أطفال الآباء الهادئين ينشؤون غير هيابين ويرجع ذلك إلى رزانة عقولهم أولاً وتنظيم انفعالاتهم ثانياً مما يجعلهم قدوة حسنة لأطفالهم يسرعون في تقليدها 0 يضاف إلى أن الآباء الهادئين يثيرون في نفس الطفل شعوراً بالخير يمكن أن ينغص حياته ويتحول إلى ضمير له مطالب مرهقة 0 وتعد القصص الخرافية أشكالاً جميلة يحاول الطفل من خلالها التعبير عن آماله وشكوكه بالنسبة إلى الراشدين المحيطين به وتشمل أغلب مخاوفه فيجد فيها التنين والمردة وأغرب من ذلك أيضاً حيث تتحول الوحوش إلى بشر 0 إن تلك القصص تغذي خيال الطفل ولكنها لا تخلقه فهو يؤلف القصص بمحض إرادته وطبيعته ومع ذلك فإن تنقية خيال الطفل من الأشياء المخيفة المرعبة تتطلب العناية بتربيته في السنوات الأولى وتعويده ضبط نفسه بعيداً عن الصرامة الشديدة 0
ويلعب التقليد دوراً هاماً في مخاوف الأطفال 0 فالأطفال لا يقلدون والديهم في الأخلاق والعادات الاجتماعية فحسب وإنما يمتد ذلك إلى المواقف الانفعالية التي يتخذها الأطفال حيال أي موقف رأوا أهلهم فيه 0 فالأم التي تخاف من الظلام أو الحيوانات أو النار 00الخ يمكن أن تخلف هذه المخاوف في ولدها صورة نماذج من السلوك يقوم الطفل بتقليدها ومحاكاتها لذلك ينصح الآباء والأمهات الذين يعانون من بعض المخاوف بألا يظهروها أمام أطفالهم لأنها ستنعكس وربما بشكل دائم في تصرف الطفل وهو يواجه المواقف المماثلة 0
وكثير من المخاوف التي قد يتعرض لها الطفل هي من النوع الهدام الذي لا يجديه نفعاً بل يفتت نشاطه ويشل فعاليته 0 ويلعب التقليد هنا دوراً كبيراً في تكوين هذه المخاوف نتيجة لعلاقة الطفل بوالديه إذ يجد الآباء أحياناً أن الخوف من الطرق المجدية في فرض الطاعة وتنفيذ الأوامر 0 ولكن هذا ليس أساساً صحيحاً للتحكم بسلوك الطفل بل إن مثل هذه التجارب قد تترك وراءها ندوباً وآثاراً سلبية في تصرفات الطفل قد يصعب التخلص منها 0
ومن السهل جداً أن يصير الخوف طاغية متكمنة من عقل الطفل إذاً ما تابعنا التلميح والإيحاء له بإمكانية تعرضه للخطر إن كثيراً من الآباء لا ينفكون عن تحذير أطفالهم وتنبيههم إلى الأخذ بلون ما من النشاط والامتناع عن غيره حتى لا يصيبهم إلى الأخذ بلون ما من النشاط والامتناع عن غيره حتى لا يصيبهم الأذى ويعتاد الطفل على سماع عبارات محددة مثل : لا تتسلق الشجرة لئلا تقع سيخطفك الشحاذ إذا خرجت من البيت – إذا أكلت الحلوى ستصاب بالمرض – سوف تتركك أمك وحيداً إذا كنت شقياً وغير ذلك من عبارات التخويف 0 وقد يكون هذا التحذير وسيلة مؤقتة للتهذيب لكنها ليست ذات أثر طيب في غرس السلوك الحميد 0 ولحسن الحظ فإن كثيراً من الأطفال سرعان ما يكتشفون زيف هذه التحذيرات ويتصرفون حيالها على أنها ليست كذلك 0 ومع أن الخوف وسيلة مجدية أحياناً في ضبط الطفل ضبطاً مؤقتاً غير أنه من الخير للآباء أن يوقنوا بأن أطفالهم قادرون – وبخبرتهم الخاصة – على اكتشاف الخداع والتهديد من جانبهم دليلاً واضحاً على ضعفهم وقلة درايتهم في معالجة المواقف بشكل صريح وإيجابي يحقق مصلحة الآباء والأبناء0