لقد شرفنا الله بأن جعلنا مسلمين أهدى لنا أعظم و أجل هدية لبني البشر و هي الذكر الحكيم القرآن الكريم ، يا الله حتى ذكره يحيي القلوب بل يعطيها نورا على نور ، فعن واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه و سلم- :" أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان ، و أنزلت التوراة لست مضت من رمضان، و أنزل الإنجيل لثلاث عشر خلت من رمضان ، و أنزل القرآن لأربع و عشرين خلت من رمضان ."حسن رواه الطبراني في الكبير و حسنه الألباني. و عن سعيد ابن جبير - رحمه الله - " نزل القرآن من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدرمن شهر رمضان ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه و سلم على ما أراد الله إنزاله إليه " (تفسير الطبري2/114-115 ) إن القرآن الكريم نور القلوب ، و مسك عذوب ، فيه تزكوا النفوس و تفرح ، و تنشرح الصدور و تصدح ، فيه آيات زكيات ، و معاني بينات ، تخرج المغموم من غمه ، و المهموم من همه ، و تبعد عن الصدر ضيقه ، فعلينا أن نستمسك به ،فلا نتركه ، و نقرأه فلا نهجره ، قال تعالى :** و من يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين ** سورة الزخرف الآية 36 "و أسوأ ما يصنعه قرين بقرينه أن يصده على السبيل الواحدة القاصرة ثم لا يدعه يفيق ، أو يتبين الضلال فلا يتوب ، إنما يوهمه أنه سائر في الطريق القاصد القويم ، حتى تفاجئهم النهاية و هم سادرون ، و هنا يفيقون كما يفيق المخمور ، و يفتحون أعينهم بعد العشى و الكلال لا لا تخففه الشركة و لا يتقاسمه الشركان فيهون " الظلال (5/3189/3190) فليكن لنا نصيب من القرآن في هذا الشهر ، و لنقرأه بتدبر و تمعن ، و لندع عقولنا تتيه فيه ، و تنهل من معينه ، ففي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود الناس ، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فرسول الله صلى الله عليه و سلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة " إن الصيام و القرآن يشفعان لك يوم القيامة كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم ، فعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام: أي ربّ منعته الطعام و الشهوات بانهار ، فشفعني فيه ، و يقول القرآن : ربّ منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه ، فيشفعان ." فاللهم أسألك أن تجعلنا من أهل القرآن و خاصته و أن ترزقنا تلاوته آناء الليل و أطراف النهار و لا تحرمنا من شفاعته يا لله