( تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين * ألا لله الدين الخالص ، والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فى ما هم فيه يختلفون ، إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار * لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ، سبحانه ، هو الله الواحد القهار )
القرآن العظيم منزل من عند الله القوى منيع الجانب الحكيم فى أقواله وأفعاله وأقداره
فاعبد الله وحده لا شريك معه وأخلص له العبادة
ولا يقبل الله من الأعمال إلا ما خلص منها له وحده
هؤلاء الكفار يقولون عن الأصنام ليشفعوا لهم عند الله فهم يعتبرونها صور للملائكة المقربة من الله ويقولون أنها تقربنا من الله لمنزلتها عنده
وهذا كذب وافتراء على الملائكة وكذب على الله والجميع عبيد لله وحده خاضعين له
والله يحكم يوم القيامة بين العبادفيما اختلفوا فيه
والله لا يرشد من ضل فى الدنيا وتعمد الكذب
ويرد الله على اليهود والنصارى ويقول بأنه واحد أحد وليس له ولد
ولو أراد اتخاذ الولد لأختار أصفاهم وليس ما يزعم الكفار
فتنزه الله عن اتخاذ الولد وهو الواحد الأحد القاهر فوق عباده عنى عمن سواه وذلت له الرقاب .
الآيات 5 ، 6
( خلق السموات والأرض بالحق ، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل ، وسخر الشمس والقمر ، كلٌ يجرى لأجل مسمى ، ألا هو العزيز الغفار * خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج ، يخلقكم فى بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق فى ظلمات ثلاث ، ذلكم الله ربكم له الملك ، لآ إله إلا هو ، فأنى تصرفون )
يخبر الله تعالى أنه خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهن وأنه يقلب الليل والنهار وسخرهما يجريان إلى أجل مسمى متعاقبين وسخر الشمس والقمر لمدة يعلمها حتى يوم القيامة
وهو عزيز قوى لا يغالب ومع ذلك فهو غفار لمن تاب وأصلح ورجع إليه
خلق الإنسان من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام بالرغم من اختلاف ألوان الناس وأجناسهم وأشكالهم ولغاتهم
وخلق من ضلع آدم حواء زوجة له
وخلق من الأنعام ثمانية أزواج ( من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين )
وقدر الناس فى بطون أمهاتها طورا بعد طور ( من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم إنسان متكامل من لحم وعظم ودم وعروق ثم نفخ فيه الروح )
وذلك فى ظلمات ثلاث هى ظلمة الرحم وظلمة المشيمة وظلمة البطن
فهذا الذى خلق كل ماسبق هو الله وحده لا شريك له
فإلى أين ينصرف الكفار والمشركين بالعبادة لغيره سبحانه
الآيات 7 ، 8
( إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ، ولا يرضى لعباده الكفر ، وإن تشكروا يرضه لكم ، ولا تزر وازرة وزر أخرى ، ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون ، إنه عليم بذات الصدور * وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسى ما كان يدعوا إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله ، قل تمتع بكفرك قليلا ، إنك من أصحاب النار )
يقول سبحانه أنه الغنى عن عباده ، ولا يحب ولا يأمر عباده بالكفر إنما يحب أن يشكر عباده حتى يزدهم من فضله
وكل نفس محاسبة عن ذاتها ولا يحمل أحد وزر الآخر
وإلى الله المرجع فلا تخفى عليه خافيةويخبر كل نفس بما عملت
وهذا هو الإنسان إذا أصابته مصيبة لجأ إلى الله ودعا وتضرع إليه ليستغيث به
ثم إذا كان فى رفاهية ونعمة نسى ما كان من ضيق ونسى ربه وكفر وجعل له الشركاء إلا من عصم الله
فقل لهؤلاء يا محمد تمتعوا فى الدنيا قليلا وسوف تلقون نتيجة عملكم يوم الحساب عندما تلقون فى النار .
الآية 9
( أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه ، قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، إنما يتذكر أولوا الألباب )
لا يتساوى عند الله الكافرون الذين وصفهم فى الآية السابقة والمؤمنون الذين يخشون الله ويترقبون الآخرة ويتمنون رحمة الله ومغفرته
مثلما تماما لا يتساوى الذى يعلم والذى لا يعلم
إن المؤمنون هم أصحاب العقول التى تميز بين الحق والباطل .
الآيات 10 ـ 12
( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم ، للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة ، وأرض الله واسعة ، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب * قل إنى أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين * وأمرت لأن أكون أول المسلمين )
ينصح الله المؤمنين بأن يصبروا ويستمروا على طاعة الله وتقواه ولمن أحسن العمل الخير فى الدنيا والآخرة
وينصحهم بأن يهاجروا فى أرض الله الواسعة جهادا فى سبيل الله والبعد عن الأوثان
ويعدهم بالأجر الوفير جزاء لصبرهم
وقل لهم يا محمد بأنك أمرت بالإخلاص فى عبادة الله وأأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده
وأنك يا محمد أول من أسلم من أمته
الآيات 13 ـ 16
( قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم * قل الله أعبد مخلصا له دينى * فاعبدوا ما شئتم من دونه ، قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين * لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ، ذلك يخوف الله به عباده ، يا عباد فاتقون )
قل يامحمد للكافرين : بالرغم من أنك رسول الله فأنت تخشى الله وتخاف معصيته وتخشى عذاب يوم القيامة
قل لهم أنك تعبد الله وحده وتتبرأ منهم ومما يعبدون من دون الله لأنهم هم الخاسرون يوم القيامة وخاسرون أبناءهم وأولادهم وأنفسهم يوم الحساب فلا اجتماع لهم معهم فى النار ولا سرور
ففى النار تحيط بهم دخان النار والعذاب
فاتقوا الله لتنجوا من العذاب
الآيات 17 ـ 18
( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى ، فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله ، وأولئك هم أولوا الألباب )
ومن يبتعد عن عبادة الأوثان واتجه لعبادة وطاعة الله الواحد فلهم البشرى بالجنة وحسن الثواب فى الدنيا والآخرة فبشرهم يا محمد
بشر هؤلاء الذين إذا سمعوا قولا تدبروه واتبعوا أفضل الأعمال هؤلاء الذين هداهم الله وحباهم عقول راجحة
الآيات 19 ـ 20
( أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النار * لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجرى من تحتها الأنهار ، وعد الله ، لا يخلف الله الميعاد )
إنك لن تقدر أن تنقذ من كتب الله عليه أنه فى عذاب النار ولا تهديه من بعد الله
أما من كتب لهم أنهم سعداء فلهم نعيم مقيم فى الجنة ، يسكنون قصورا طبقات مبنية عالية ينعمون بأنهار من الخير لا نفاذ لها
وهذا هو ما وعدهم الله به والله لا يخلف وعده
...........................
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون فى الجنة أهل الغرف ، كما تراءون الكوكب الدرى الغارب فى الأفق الطالع فى تفاضل أهل الدرجات " فقالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " بلى والذى نفسى بيده وأقوام آمنوا بالله وصدّقوا الرسل " .
الآيات 21 ـ 22
( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما ، إن فى ذلك لذكرى لأولى الألباب * أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ، فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله ، أولئك فى ضلال مبين )
يوضح الله هنا أن الماء ينزل من السماء ثم يكون فى الأرض الينابيع والأنهار ويسقى به الزروع التى تنبت الثمار مختلفة الأنواع ومختلفة الطعم والشكل واللون والرائحة والمنفعة
وبعد ذلك يكبر الزرع وييبس ويتحطم مثله فى ذلك مثل الإنسان وباقى المخلوقات ....... فاعتبروا يا أصحاب العقول .
فلا يتساوى من فتح الله قلبه وشرحه للإسلام وامتلأ بنوره كمن هو قاسى القلب لا يتأثر بذكر الله
فالويل والعذاب لمن كان فى ضلال ولم يخشع .
الآية 23
( الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ، ومن يضلل الله فما له من هاد )
لقد جعل الله القرآن كلماته متشابهة وآياته متشابهة ومعانيه متشابهة ليفهمه الناس
و( مثانى ) يذكر فيه الشئ وضده كذكر المؤمن والكافر ، والأبرار والفجار ، وصفات الجنة وصفات النار ، وتكرار ذكر الأنبياء فى مواضع مختلفة ............... وهكذا .
إذا سمعه المؤمنون ولما يسمعون من التهديد والوعيد تقشعر جلودهم من خشية الله والخوف من عذابه وتمنى ثوابه
وتتحول هذه الخشية والقشعريرة إلى ميل القلب للطاعة وذكر الله ويميلون لرحمته وعفوه عز وجل .
وهذا هو الهدى الذى يهدى به الله من آمن من عباده ومن شاء منهم
ولكن من أضله الله فليس له من يهديه من بعد الله بظلمهم .
الآيات 24 ـ 26
( أفمن يتقى بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ، وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون * كذّب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون * فأذاقهم الله الخزى فى الحياة الدنيا ، ولعذاب الآخرة أكبر ، لو كانوا يعلمون )
فلا يستوى من يلقى فى النار يوم القيامة بغير حساب والذين هم آمنون من العذاب سعداء فى الجنة
افعلوا ما يحلوا لكم من خير وشر فالله يعلم ويرى كل أفعالكم وستجزون عليها
فقد كذبت أقوام من قبلهم فى العصور القديمة فأهلكهم الله وعذبهم بذنوبهم
وأذاقهم من العذاب بما أنزل عليهم فى الدنيا وعذاب الآخرة سيكون أعظم من ذلك
فليتهم كانوا يعلمون ليتقوا العذاب
الآيات 27 ـ 31
( ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون * قرآنا عربيا غير ذى عوج لعلهم يتقون * ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا ، الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون * إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون )
يقول تعالى :
ـ لقد بينا للناس بالأمثلة فى القرآن لكى يعتبروا
ـ فالقرآن باللغة العربية الواضحة لا عوج فيها ولا شك ولا لبس لعل الناس تحذر الوعيد ويعملون للفوز بالوعد
ـ وهنا يضرب الله مثلا برجل هو عبد لشركاء فيتنازعون عليه
ورجل آخر هو عبد لرجل واحد فلا تنازع
كذلك المشرك الذى يعبد آلهة مع الله والمؤمن الذى لا يعبد إلا الله ..... لايتساويان
ـ فأنت يا محمد ستموت وهم يموتون ثم يحكم الله بينكم يوم القيامة
والعموم هو أهل الإيمان وأهل الكفر يحكم الله بينهما يوم القيامة .
الآيات 32 ـ 35
( فمن أظلم ممن كذب على الله وكذّب بالصدق إذ جاءه ، أليس فى جهنم مثوى للكافرين * والذى جاء بالصدق وصدّق به أولئك هم المتقون * لهم ما يشاؤن عند ربهم ، ذلك جزاء المحسنين * ليكفر الله عنهم أسوأ الذى عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذى كانوا يعملون )
ليس هناك ظالما أكثر من المشرك الذى جعل مع الله آلهة أخرى إفتراء عليه
إنهم مثواهم جهنم وبئس المصير
أما الرسول الذى جاء بالرسالة عن ربه وهو جبريل رسول الملائكة والنبى محمد الذى صدق بما جاءه ومن اتبعوهم بالتصديق فهم المؤمنون المتقون ولم يشركوا بالله
لهم كل ما يتمنون من الله من حسن الجزاء
وسوف يغفر الله لهم جميع سيئاتهم مهما بلغت ويكافئهم بأحسن ما عملوا .
الآيات 36 ـ 40
( أليس الله بكاف عبده ، ويخوفونك بالذين من دونه ، ومن يضلل الله فما له من هاد * ومن يهد الله فما له من مضل ، أليس الله بعزيز ذى انتقام * ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ، قل أفرءيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنى الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادنى برحمة هل هن ممسكات رحمته ، قل حسبى الله ، عليه يتوكل المتوكلون * قل ياقوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل ، فسوف تعلمون * من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم )
ـ يكفى الله من عبده وأحسن طاعته
ـ والمشركين يخوفون الرسول والمسلمين بأصنامهم وآلهتهم التى يضلونهم
فالله يضل الكافرين ويهدى من لجأ إليه ومن أعز الله فليس له من مضل
ـ والله عزيز قوى الجانب لمن أطاعه ومنتقم من المشركين
ـ ولو سألت المشركين من يكون خالق السموات والأرض فهم يعترفون أنه الله خالقهما ، ويعبدون من دونه شركاء
ـ فقل لهم هل تنفعكم أو تضركم شركاءكم ؟
ـ قل لهم الله يكفينى وأتوكل عليه
ـ فافعلوا ما شئتم وأنا على طريقتى وسوف تعلمون من منا على حق حين يأتيكم العذاب فى الدنيا والحريق الدائم فى النار يوم القيامة .
الآيات 41 ، 42
( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، وما أنت عليهم بوكيل * الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها ، فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ، إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون )
لقد أنزلنا القرآن بالهداية لتنذر الناس إنسا وجنا فمن اتبعك فإنما يعود ذلك عليه بالخير ومن بعد عن الطريق فإنما إثمه على نفسه وأنت لست موكلا بأن يهتدوا
الله هو المتصرف فى أحوال العباد
فهو عند النوم يمسك الأرواح للحظة الراحة الجسدية فتروح وتجئ وتتقابل مع الأرواح الأخرى ثم يتركها لتعود بالجسد لأجل معين ، والتى قضى بموتها فهى لا تعود للجسد ثانية وتنتهى فترة المحيا على الأرض
أوصى النبى صلى الله عليه وسلم عند النوم فقال : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخله إزاره ، فإنه لا يدرى ما خلفه عليه ، ثم ليقل باسمك ربى وضعت جنبى وبك أرفعه إن أمسكت نفسى فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " .
الآيات 43 ـ 45
( أم اتخذوا من دون الله شفعاء ، قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا ، له ملك السموات والأرض ، ثم إليه ترجعون * وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون )
إن الكفار يتخذون أصناما وأندادا ليعبدونها من دون الله فهل تلك الأصنام التى لا تعقل ولا تملك حولا ولا قوة ستشفع لهم
قل لهم يا محمد أن من يملك الشفاعة كلها هو الله وحده
وله ما فى السموات وما فى الأرض جميعا ويملككم وترجعون حتما إليه ليحاسبكم على ذلك
عجبا لهؤلاء الكفار فعند ذكر الله تنقبض قلوبهم التى لا تقبل الخير وإذا ذكرت لهم الأصنام فإنهم يفرحون ويسرون
الآيات 46 ـ 48
( قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فى ما كانوا فيه يختلفون * ولو أن للذين ظلموا ما فى الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة ، وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون )
قل أنت يا محمد ومن معك وادع الله : اللهم أنت ( فاطر ) جاعل السموات والأرض على غير مثال سابق لها
وأنت تعلم الغيب والعلانية ( الشهادة )
وأنت تفصل بين عبادك يوم القيامة فيما اختلفوا فيه
ولو أن المشركون لهم ما فى الأرض كله وعليه مثله قدموه ليفتدوا أنفسهم من شديد عذاب الله يوم القيامة فلن يُقبل منهم
وسيظهر لهم الله من العذاب والنكال ما لم يتوقعوا
وسيظهر لهم ويلقون عقاب ما فعلوا ويلحق بهم عقاب ما استهزءوا به فى الدنيا .
الآيات 49 ـ 52
( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هى فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون * قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون * فأصابهم سيئات ما كسبوا ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين * أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون )
وهذا هو الإنسان إذا أصابته مصيبة لجأ إلى الله ودعا وتضرع إليه ليستغيث به
ثم إذا كان فى رفاهية ونعمة نسى ما كان من ضيق وظن أن ذلك من فرط فراسته وحسن تدبيره ونسى ربه وكفر وجعل له الشركاء إلا من عصم الله
ولكن هذا اختبار من الله ولكن هم لا يعلمون ذلك .
ولقد قال مثل قولهم من سبقهم من أمم ، فقد كانوا أشد منهم وأقوى منهم بما أثروا فى الأرض وبما كان لديهم من أموال وعلم وبأس ، فلم تغنى عنهم أموالهم من عذاب الله ولم تنفعهم أموالهم ولا أولادهم
وقد لقوا نتيجة عملهم السيئ
وكذلك هؤلاء الكفار أيضا سيصيبهم جزاء ما عملوا وسيجزون وما هم بمعجزين الله
فإن الله يوسع الرزق على من يشاء ويضيق على من شاء من عباده
وهذا ليعتبر أصحاب العقول .
الآية 53
( قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعا ، إنه هو الغفور الرحيم )
وتلك دعوة عامة للكفار والمشركين والعصاة إلى رحمة الله والتوبة فهو كريم يغفر لمن تاب ، ويعفوا عن من أناب إليه وعاد
يطمئن عباده إلى رحمته الواسعة ويدعوهم إليه فهو الرحيم وهو الغفار
وسبب نزول الآية :
أن أناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وزنوا وأكثروا فجاؤا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذى تقول وتدعوا إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل قول الله عز وجل .
الآيات 54 ـ 59
( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون *واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هدانى لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لى كرة فأكون من المحسنين * بلى قد جاءتك آياتى فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين )
عودوا إلى الله واستسلموا إليه من قبل أن تحل نقمة الله وعذابه ولن تجدوا من ينصركم من العذاب
اتبعوا ما جاء لكم فى القرآن من قبل أن يفاجئكم العذاب وأنتم فى غفلة
حيث عندها تتحسر كل نفس على ما عملت وفرطت فى حق نفسها وتتذكر سخريتها فى الدنيا
أو تتمنى نفس عندما تلقى العذاب أن لو كان الله هداها لتنقذ من العذاب أن تتمنى نفس عند وقوع العذاب بها لو أنها تعود الدنيا ثانية لتعمل صالحا
فيقال لها لا عودة ولا مغفرة بعد ذلك فقد جاءت العبرة والموعظة والدعوة فى الدنيا فكذبت وتعاليت وكفرت بالله
الآيات 60 ، 61
( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ، أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين * وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون )
ويوم القيامة تسود وجوه وتبيض وجوه
فأما المشركون والذين ادعوا لله الولد تبدو وجوههم مسودة يوم القيامة بما افتروا على الله من كذب
وجهنم هى المثوى المناسب لهؤلاء الكفار
أما من آمن بالله واتقى وعمل صالحا فينجيهم الله ويفوزون بالجنة ولا يمسهم سوء ويطمئنهم الله فلا يحزنون .
الآيات 62 ـ 66
( الله خالق كل شئ ، وهو على كل شئ وكيل * له مقاليد السموات والأرض ، والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون * قل أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون * ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين * بل الله فاعبد وكن من الشاكرين )
الله هو الذى خلق الأشياء كلها
وهو وكيل بها متصرف فيها وتحت إمرته وتدبيره
يملك خزائن الأرض والسموات وبيده جميع الأمور
والذين كفروا حجتهم باطلة
قل لهم هؤلاء الجاهلون كيف يدعونك لعبادة غير الله
من بعد أن نزل إليك الوحى وأيقنت بوحدانية الله وقدرته وعظمته
فلو أطعتهم سيحبط عملك وتخسر
قل لهم إنك تعبد الله واشكره على نعمة الإسلام والإيمان وأخلص له العبادة
الآية 67
( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه ، سبحانه وتعالى عما يشركون )
عندما عبد المشركون غير الله فهم لم يقدروا الله حق قدره
بالرغم من أن الله يملك السموات والأرض ويقدر عليها جميعا وهو العظيم الذى لا مثيل له
وكل شئ تحت سيطرته وقهره
ويوم القيامة كما قال رسول الله " يقبض الله تعالى الأرض ويطوى السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض " .
فسبحانه تنزه وتقدس عما يشركون فى عبادته .
الآيات 68 ـ 70
( ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله ، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون * وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون )
ويوم القيامة ينفخ إسرافيل فى البوق فيصعق جميع من فى السموات والأرض إلا من شاء الله وينفخ ثانية فيقومون أحياء مرة أخرى ليفصل ويحكم الله بين العباد
وتضئ الأرض بنور الله وتعرض الأعمال فى الكتاب
ويأت الله بالأنبياء والرسل شهداء على أقوامهم
وتأت الملائكة
ويحكم الله بين العباد بالحق والعدل ولا تظلم نفس عند الله
وكل نفس تجد نتيجة عملها فالله يعلم ما يفعلون من خير أو شر
الآيات 71 ، 72
( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ، حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا ، قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين * قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها ، فبئس مثوى المتكبرين )
ويساق الكفار فى جماعات إلى الجحيم وعندما يصلوا إليها تفتح لهم الأبواب ويؤنبهم الملائكة من خزنة النار الغلاظ الشداد ويلعنوهم ويؤنبوهم فيقولون ألم ترسل لكم الرسل والأنبياء ليحذروكم من هذا اليوم ولم تطيعوهم وعصيتم فذوقوا عذاب الحريق خالدين بما عملتم واعترف الكفار والجناة
وحق عليهم العقاب الخالد فيها
وبئس هذا من عقاب
الآيات 73 ـ 74
( وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ، حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين * وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين )
وكذلك يساق المؤمنين إلى الجنة جماعات وتفتح لهم أبوابها ويسلم عليهم الملائكة ويدعون لهم ويرحبون بهم خالدين فى الجنة والنعيم
ويحمدون الله الذى صدق لهم وعده بالجنة لمن صبر وآمن وعمل صالحا وتبدل الأرض غير الأرض حيث وصفه الرسول تربة الجنة فقال " درمكة بيضاء مسك خالص "
الآية 75
( وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم ، وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين )
وبعد ذكر أهل الجنة وأهل النار يذكر سبحانه الملائكة بأنهم يلتفون حول عرش الرحمن يسبحون الله ويعظمونه ويحمدونه وانتهى الأمر وحكم الله بين العباد بالحق والعدل