( اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون * ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم ، وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم ، أفتأتون السحر وأنتم تبصرون * قال ربى يعلم القول فى السماء والأرض ، وهو السميع العليم * بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون * ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها ، أفهم يؤمنون ) ينبه الله باقتراب يوم القيامة ، وأن الناس غافلون عنها ولا يستعدون بالعمل لها فهذا الوحى قد جاءهم بالقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم حديثا وهم يسألون أهل الكتاب الذين حرفوا كتبهم
قلوبهم مشغولة عن الإيمان ويتحدثون فيما بينهم فى الخفاء فيقولون إن محمد ليس بنبى وإنما هو بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون : لو اتبعتموه ستكونون كمن أتى السحر لأنه ساحر قال ربى يعلم القول فى السماء والأرض : فيجيبهم الله أنه سبحانه يعلم كل شئ ولا تخفى عليه خافية فى الأرض أو فى السماء وهو سميع عليم بكل شئ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون : قال الكفار إن محمدا يحلم وهذه اضغاث أحلامه ، وتارة يقولون هو شاعر ، وتارة أخرى يقولون هو يفترى الكذب فلو صدق لكان جاء لنا بمعجزة كما جاء الرسل الذين سبقوه
ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها ، أفهم يؤمنون : ثم يرد عليهم الله فيقول لقد جاءت الرسل من قبل بالمعجزات والآيات ولكنهم كفروا فهل لو جاءت الآيات لهؤلاء سيؤمنوا هم ؟ .. وهذا لإستبعاد إيمانهم فقلوبهم مغلقة . الآيات 7 ـ 9
( و ما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم ، فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون * وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين * ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين )
فجميع من أرسلنا من رسل من قبلك يا محمد كانوا رجالا من البشر وليسوا من الملائكة واسألوا رجال العلم من اليهود والنصارى عن ذلك فمن جاؤهم كانوا بشر وليسوا ملائكة ، وهذا من نعمة الله عليكم
فقد كانوا يأكلون الطعام ويشربون ويعيشون ويعملون بالتجارة والكسب للرزق مثل الناس وماتوا ولم يعمروا فى الدنيا .
وكان أن نجاهم الله ومن معهم من المؤمنين وأهلك الكافرين كما وعدهم .
الآيات 10 ـ 15
( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ، أفلا تعقلون * وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين * فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون * لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون * قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين )
لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم : لقد أنزلنا لكم القرآن فيه شرف لكم ودين وشريعة لكم أفلا تعقلون : فاعقلوا وتقبلوا هذه النعمة وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة : كم أهلكنا من قرى كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين : وخلقنا أمم أخرى بعدهم فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون : فلما تيقنوا بوقوع العذاب بهم كما وعدنهم أنبياءهم إذا هم منها يركضون : يفرون هاربين من مساكنهم وبلادهم لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون : يسخر منهم ويقال لهم لا تهربوا عودوا إلى النعيم الذى كنتم فيه والمعيشة والمساكن الطيبة سوف تسئلون يوم القيامة عن هذا النعيم وكيف أديتم شكره قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين : ويوم القيامة يندموا ويعترفوا بظلمهم حيث لا ينفع الندم فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين : وتظل تلك الحسرات حتى يخمد صوتهم وحركاتهم ويحصدهم الله حصدا
الآيات 16 ـ 20
( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ، ولكم الويل مما تصفون * وله من فى السموات والأرض ، ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون * يسبحون الليل والنهار لا يفترون )
يخبر سبحانه وتعالى أن خلق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما من مخلوقات ليس من باب العبث واللعب وإنما بالحق والعدل
ويقول أنه سبحانه لو أراد لهوا ما كان هناك من داع لخلق الجنة والنار والحساب والعقاب والجزاء ولا موت ولا حياة
وقال البعض أن كلمة لهو تعنى بلسان أهل اليمن المرأة وأن معنى الآية لو أن الله أراد إمرأة لكان اتخذ من الحور العين وقالوا معناه الولد وسبحانه نفى عن نفسه اتخاذ الولد من قبل فى آيات كثيرة
ويقول إنما نبين الحق ونقضى على الباطل الذى يضمحل بظهور الحق عليه، فالويل للكفار بما يصفون به الله من باطل
هؤلاء الملائكة يسبحون الله ليلا ونهارا ولا يملون تسبيحه ولا يستكبرون عن طاعته .
الآيات 21 ـ 23
( أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون * لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون * لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون )
اتخذ الكفار آلهة غير الله فهل يقدر هؤلاء الآلهة على ينشرون ويحيون الأموات من الأرض ؟ لو أن السموات والأرض فيهما غير الله آلهة لفسدتا وذهب كل إله بطريقته واختل نظام الكون فالله هو الحاكم ولا يعترض أحد على حكمه وكل ماهو غير الله يسئل عن عمله إلا هو فهو الذى يسأل جميع المخلوقات .
الآيات 24 ، 25
( أم اتخذوا من دونه آلهة ، قل هاتوا برهانكم ، هذا ذكر من معى وذكر من قبلى بل أكثرهم لا يعلمون الحق ، فهم معرضون * وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لآ إله إلآ أنا فاعبدون )
قل يا محمد للمشركين الذين اتخذوا آلهة غير الله ، هاتوا دليلكم على ما تدعون فهذا القرآن وهذه الكتب السماوية من قبلى تنطق بأن لا إله إلا الله ، ولكنكم أيها المشركون تعرضون عن الحق وكل نبى بعثناه من قبلك كان ينادى بعبادة الله وحده لا شريك له . ــــــــــــــــــــــــــ الآيات 26 ـ 29
( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ، بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون * ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ، كذلك نجزى الظالمين )
ــ زعم المشركون أن الله اتخذ الولد ( أنثى ) من الملائكة .. إن الملائكة عباد الله مكرمون عنده فى منازل عالية ــ لا يتقدمون بين يديه بأمر ولا يخالفونه فيما يأمرهم به ويعملون بأمره ــ ويعلم الله كل ما يفعلونه ولا تخفى عليه من أمرهم خافية ولا يجترئ أحد منهم أن يشفع لكم عند الله إلا من بعد إذنه ورضى الله فهم يخافون الله ويرهبونه ــ ومن يدعى أنه إله من دون الله فيعذبه الله فى جهنم وهذا هو جزاء من ظلم .
الآيات 30 ـ 33
( أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ، وجعلنا من الماء كل شئ حى ، أفلا يؤمنون * وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون * وجعلنا السماء سقفا محفوظا ، وهم عن آياتها معرضون * وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر ، كل فى فلك يسبحون )
ألم ير الكافرون قدرة الله على الخلق وسلطانه فى مخلوقاته فقد كانت السموات والأرض متلاصقة ببعضها ثم فتقها الله بقدرته وجعلها سبع سموات وسبع أرضين بينهم فواصل بين كل واحدة والأخرى مسيرة سبعين ألف سنة
وجعل الله كل شئ حى أصله من الماء ، ألا يؤمن هؤلاء بما يرون ؟
وجعل الله فى الأرض جبالا تثقلها وتجعلها راسية حتى لا تضطرب بالناس وهى تتحرك فهى مغمورة بالهواء وعليها الماء .
وجعل فى الأرض طرقا كى يسلكها الناس ويعيشون عليها ويتنقلون من مكان لآخر
وجعل السماء كالقبة على الأرض تحيطها من كل مكان كالسقف الذى لا يطال عاليا محفوظا والناس ترى كل ذلك ولا يتفكرون فى عظمة الخالق فالله خلق الليل والنهار يطول هذا ويقصر هذا وهذا بسكونه وهذا بنشاط الحياة فيه والشمس والقمر يتحركان ويكونان الليل والنهار مع حركة الأرض وكل منهم لا يحيد عن مساره أبدا .
الآيات 34 ، 35
( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ، أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت ، ونبلوكم بالشر والخير فتنة ، وإلينا ترجعون )
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد : لم نجعل لبشر من قبلك الحياة الخالدة فمن قبلك ماتوا أفإن مت فهم الخالدون : وكذلك من بعدك يموتون ولن يعيشون بعدك كما يأملون الكفار
فكل نفس لابد لها من الممات ونختبركم بالمصائب وبالنعم لنرى من يكفر ومن يشكر ويصبر ومن يقنط من رحمة الله
ثم ترجعون إلى الله ليجازيكم على أعمالكم
الآيات 36 ، 37
( وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذى يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون * خلق الإنسان من عجل ، سأوريكم آياتى فلا تستعجلون )
يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : إذا رآاك كفار قريش فإنهم يستهزئون بك ويقولون هذا الذى يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم وهم كافرون بالله
لقد خلق الإنسان متعجلا دائما فلا تتعجل الإنتقام منهم لأنى سأوريك انتقامى وعذابى لهم فلا تستعجل ما قدرت لهم . الآيات 38 ـ 40
( و يقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون * بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون )
ــ يستعجلك الكافرون بما وعدتهم من العذاب ويسألون أين هو عنادا وكفرا وتكذيبا. ــ لو تيقن الكفار بأنها واقعة بهم لا محالة يوم لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم فالنار تحيط بهم ولا ناصر لهم لما استعجلوا به . ــ ولكن ستأتيهم النار فجأة فتذعرهم ويستسلمون ولا يدرون ماذا يصنعون فلا حيلة لهم فى ردها ولا يؤخر عنهم العذاب . الآيات 41 ـ 43
( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون * قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ، بل هم عن ذكر ربهم معرضون * أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ، لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون )
وليهون الله الأمر على رسوله صلى الله عليه وسلم يقول له : استهزئ من قبلك بالرسل لما وعدوا الكفار بالعذابولكنه أحاط بهم وهلكوا بما سخروا منه .
قل لهم يا محمد من الذى يحفظكم ( يكلؤكم ) ليلا ونهارا ... لكنهم يكفرون بالله ولا يعترفون بنعمته وإحسانه لهم .
ثم يوبخهم الله وينكر عليهم فيقول : ألهم آلهة ترعاهم غير الله ؟ هذه الآلهة لا تستطيع نصر أنفسهم ولا يجارون من عذاب الله .
الآيات 44 ـ 47
( بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر ، أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها ، أفهم الغالبون * قل إنما أنذركم بالوحى ، ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون * ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين * ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ، وكفى بنا حاسبين )
إن الذى غر المشركون وجعلهم يتجبرون هو ما متعناهم به فى الدنيا من مال وأولاد وطال عمرهم فاعتقدوا أنهم قادرون على شئ
فلو نظروا لوجدوا أن الله قادر على الأرض وما عليها وهلك من ظلم قبلهم أقوى منهم ونجا المؤمنين ، فهل هم الذين سيغلبوننا بل هم الأخسرون .
قل لهم إنما أبلغكم عن الله عن طريق الوحى جبريل عليه السلام ولا ينفع الذين ختم الله على آذانهم إنذار أو دعاء
وهؤلاء المكذبين لو أصابهم شئ قليل من عذاب الله يعترفون بذنوبهم وأنهم هم الذين ظلموا أنفسهم فى الدنيا
ويوم القيامة يكون العدل فلا تظلم نفس ولو كان العمل مثقال حبة الخردل وضئيل فنجازى به خيرا أو شرا .
الآيات 48 ـ 50
( ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين * الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون * وهذا ذكر مبارك أنزلناه ، أفأنتم له منكرون )
وقد أرسلنا إلى موسى وأخاه هارون التوراة التى تفرق بين الحق والباطل لتكون هداية لمن خاف الله وخاف عقابه يوم القيامة وكما أرسلنا التوراة كذلك أرسلنا لك القرآن مبارك محفوظ من عند الله لتنذر به ثم أنتم تنكرونه وتكفرون به أيها المشركون .
الآيات 51 ـ 56
( ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم فى ضلال مبين * قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين * قال بل ربكم رب السموات والأرض الذى فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين ) وتوضح الآيات فى القرآن الكريم أن إبراهيم عليه السلام فكر وتدبر بالفطرة على أن للكون خالق مدبر ، والله يعلم ما يدور بنفسه وعقله نهى قومه عن عبادة الأصنام ، ولكن أباه رفض أن يعقل وقال له هكذا وجدنا آباءنا يعبدونها فعبدناها مثلهم وعظ أهل بابل وكسر أصنامهم ، ووعظ أهل حران وراجعهم عن عبادة الكواكب وقال لهم إنكم أنتم وآباؤكم خاطئين وفى ضلال
فقالوا له هل تسخر وتعبث أم جئت بالحق فقال لهم إن ربكم هو الذى خلق السموات والأرض وأنا أشهد على ذلك .
الآيات 57 ـ 63
( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين * فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون * قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين * قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم * قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون ) ماذا فعل بالأصنام ..؟ أقسم إبراهيم بالله أن يكيد لهم ويدمر أصنامهم ويدبر لهم كيف يخلصهم من هذا الشرك بالله كان لهم عيد يخرجون للإحتفال به خارج البلاد طلب آزار من ابنه إبراهيم الخروج معه ، فتعلل إبراهيم وقال أنه مريض تركه آزار وعمد إبراهيم إلى الأصنام التى كانوا قد وضعوا أمامها الطعام والشراب وأخذ يوبخهم أنهم لا يأكلون ولا يشربون ، وأخذ القدوم وصار يضرب أعناقها ويكسرها وجعلها جميعا قطعا مكسرة ( جذاذا ) وترك الكبير منها وعلق فى رقبته القدوم عاد القوم ورأوا ما كان عليه من حال الأصنام وسألوا عن من فعل ذلك بالأصنام قال بعضهم لقد سمعنا فتى يسمى إبراهيم كان يذكرهم بشر فقال الكبراء دعوه فى مشهد من الناس ليروا عذاب من يفعل ذلك بآلهتنا ثم سألوا إبراهيم هل أنت فعلت بهم ذلك ؟ فقال إنه كبيرهم فاسألوه لو كان ينطق
الآيات 64 ـ 67
( فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رؤسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله ، أفلا تعقلون )
ففكروا لحظة فوجدوا أنهم مخطئون فى زعمهم أنه آلهة ولكن الكبر والعتو عاد لنفوسهم وقالوا لإبراهيم كيف نسألهم وهم لا يتكلمون فقال لهم وكيف تعبدون من دون الله ما لا ينفعكم ولا يضركم أفلا تتدبرون ما أنتم عليه من ضلال وكفر .
الآيات 68 ـ 70
( قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين )
عندما بطلت حجتهم قالوا احرقوا إبراهيم لتنصروا آلهتكم وأمروا بجمع الحطب من كل مكان ووضعوه فى حفرة عميقة فى الأرض وأوقدوها نارا ضخمة عظيمة ووضعوا إبراهيم فى كفة منجنيق وألقوه فى النار فقال إبراهيم حسبى الله ونعم الوكيل وقال الله للنار كونى بردا وسلاما أى لا تحرقى وكونى باردة ولكن لا برد مضر إنما البرد الناعم بغير أذى لإبراهيم ، وظل فيها أربعين يوما منعم لا يرى سوى الخضرة والملائكة يطعمونه لقد أرادوا أن يكيدوا لإبراهيم ويعاقبوه فكانوا هم الخاسرين ونجاه الله من النار وغلبهم ونصر إبراهيم عليهم .
الآيات 71 ـ 75
( ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين * ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافلة ، وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ، وكانوا لنا عابدين * ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث ، إنهم كانوا قوم سوء فاسقين * وأدخلناه فى رحمتنا ، إنه من الصالحين )
وبعد أن نجى الله إبراهيم من النار ، أخرجه من بين قومه إلى بلاد الشام والأرض المقدسة منها . وتزوج إبراهيم ورزقه اسحاق عندما دعا الله وكانت امرأته سارة عاقرا ، وأعطاه زيادة ( نافلة ) يعقوب ، وجعلهم جميعا من الصالحين ... كما رزقه اسماعيل من هاجر ...
وجعلهم الله جميعا أئمة للخير يقتدى بهم ( يهدون بأمرنا ) بأمر من الله . وأوحى الله لهم فعل الخير وآداء الصلاة فى أوقات محددة ودفع الزكاة للفقراء وكانوا جميعا أحسن ما يكون العبد لله والطاعة له .
ولوطا كان ابن عمه وهاجر معه واتبعه فرزقه الله الحكم والنبوة والعلم وبعثه إلى قوم سدوم الذين كانوا يأتون الفاحشة فكذبوه وخالفوه فدمرهم الله وأهلكهم جميعا وجعل الله لوطا ومن اتبعوه من الصالحين .
الآيات 76 ، 77
( ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ، إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين )
وهذا نوح عليه السلام قبل هؤلاء جميعا نادى الله واستغاث به لما ظلم قومه فقد ظل 950 سنة يتحمل أذاهم وتكذيبهم وظلمهم ، فاستجاب الله له ونجاه وأهله إلا امرأته ونصرهم على أعداءهم ودمر القوم الكافرين وأغرقهم جميعا
الآيات 78 ـ 82
( وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان ، وكلا آتينا حكما وعلما ، وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير ، وكنا فاعلين * وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ، فهل أنتم شاكرون * ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الأرض التى باركنا فيها ، وكنا بكل شئ عالمين * ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك ،وكنا لهم حافظين )
وهذا داود جاء إليه أصحاب زرع ( حرث ) يشكون أن أصحاب غنم تركوا أغنامهم ترعى ليلا فى حرثهم ، فقضى داود بالغنم لأصحاب الزرع فخرج الرعاء معهم الكلاب ، فقال لهم سليمان : كيف قضى بينكم ؟ فأخبروه ، فقال : لو وليت أمركم لقضيت بغير هذا فأخبر داود فدعا سليمان ، فقال له : كيف تقضى بينهم ؟ قال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث فيكون عندهم له أولاد وألبان ومنافع لهم ، ويبذر أصحاب الغنم لأهل الحرث مثل حرثهم ، فإذا بلغ الحرث مثل ما كان عليه أخذه أصحاب الحرث وردوا الغنم إلى أصحابها وبذلك فهم الله سليمان الحكم فى القضية ولم يذم داود فى قضاؤه وهكذا علمهما الله الحكم والقضاء . .................................... وكان داود ذا صوت جميل يرتل الزبور وكانت الجبال تعجب بصوته وتسبح معه ، والطير تقف فى الهواء عنده لتسمع وتسبح وتردد تأويبا . ........................................ وعلمه الله صناعة الدروع ( صنعة لبوس ) تحصنا فى القتال ( لتحصنكم من بأسكم ) وهذا من نعم الله لعبديه داود وسليمان وهذا من أجل الناس فلابد من شكر الله على ذلك ( فهل أنتم شاكرون ) وسخر الله الرياح لسليمان تذهب أرض الشام .....................................
( وكنا بكل شئ عالمين ) : ويعلمه الله بأن جعله يصنع بساط من خشب يوضع عليه كل ما يحتاج من أمور المملكة والخيل والجمال والخيام والجند ثم يأمر الرياح بأن تحمله فتدخل الرياح تحته وترفعه وتسير به وتظله الطير لتقيه الحر إلى المكان الذى يريده من المملكة فينزل وتوضه آلاته وما يحتويه . ............................... وسخر الله له الشياطين يغوصون فى البحار يستخرجون اللؤلؤ والمرجان ويعملون أعمال البناء وغير ذلك وكنا لهم حافظين : وكان الله يحرسه من أن يناله أحد بسوء ويحكم بينهم ويسجن من شاء عقابا على تكاسله .
الآيات 83 ، 84
( وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ، وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين )
ويذكر الله عبده ورسوله أيوب ويصفه بأنه كان قد ابتلاه الله بمرض فى جسده و بلاء فى ماله وولده ولم يلجأ إلا لله يطلب رفع الأذى عنه ، بل كانت دعواه رب أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين
فهو أحد الأنبياء الكرام من ذرية إبراهيم عليه السلام وزوجه ليا بنت يعقوب قدوة فى الزوجة الوفية فقد كان من الأنبياء الأغنياء وزوجه ليا بنت يعقوب كانت تعيش فى رغد ونعيم ولم يؤمن بنبوته إلا ثلاث نفر كان أيوب برا تقيا يحسن لليتامى والفقراء والأرامل والمساكين ويكرم الضيف وشاكرا لأنعم الله وكان له أولاد وأهلون كثيرون وكانت ليا زوجه عابدة شاكرة لله ابتلى أيوب فى جسده بأنواع كثيرة من البلاء وبقى لسانه شاكرا ذاكرا لله ابتعد عنه الناس والأقارب والأبناء وانتهى ماله ونعيمه الذى كان كانت ليا تخدم الناس لتأت له بالطعام إلى أنها باعت ضفائر شعرها لتحصل على لقيمات قليلة وكلما سألته ليا بأن يدعوالله ليرفع عنه فتنته رفض رغبة منه أن يكفر عنه الله ويرفعه درجات فى الجنات إلى أن رجلين من أقاربه كانا يروحان ويجيئان عليه فقال أحدهما للآخر : ( لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما ولهذا يعاقبه الله ) حزن أيوب ودعا ربه فقال ( رب إنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ) وخرجت زوجه لحاجته فأوحى له ربه أن أركض برجلك وضرب الأرض برجله فانبعث الماء من عين فاغتسل فبرئ بإذن الله أرسل الله فى أندران له فملأ أحدهما ذهب والآخرفضة وكشف الله البلاء مقابل الصبر الجميل وقال تعالى ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث )
قيل فى ذلك أن إمرأة أيوب كانت لها ضفائر شعر جميلة وغزيرة فباعتها لتحضر له خبز وأطعمته إياه ، فغضب أيوب وأقسم لإن عاد إلى الصحة ليضربنها مائة جلدة فأشار له الله بأن يأخذ حزمة من قش الشعير بها مائة قضيب ويضربها ضربة واحدة ليفى بقسمه وهذا المخرج لأنه كان نعم العبد أواب إلى ربه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بينما كان أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل من جراد من ذهب ، فجعل يحثى فى ثوبه ، فناداه ربه : يا أيوب ، ألم أغنك عما ترى ؟ قال : بلى يارب ، ولكن لا غنى لى عن بركتك ) والرجل من جراد : سرب من الجراد مهما تمرد الإنسان على ابتلاء الله ، فهل يستطيع أن يذهب عنه البلاء ؟ فالصبر الجميل يقابله الله برفع الأذى والجزاء الأوفى فاصبر وما صبرك إلا بالله
الآيات 85 ـ 86
( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل ، كلٌ من الصابرين * وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين ) واسماعيل هو ابن إبراهيم من هاجر حيث كان مولد إسماعيلبعد مضى عشرون سنة ببيت المقدس قالت سارة لإبراهيم أن يتزوج من جاريتها هاجر ليرزق منها الولد لأنها عاقر فلما حملت غارت منها سارة وقالت لإبراهيم : إن هاجر تعاظمت عليها فقال لها إبراهيم افعلى بها ماشئت خافت هاجر وهربت عند عين ماء قال لها ملك أن لا تخف لأنها ستلد ولد له شأن رجعت وولدت إسماعيل ولإبراهيم 86 سنة ، ثم كانت قصة الذبح وافتداه الله بكبش أنزله من السماء ثم عاون أباه فى بناء البيت المحرم . ثم هذا نبى الله إدريس الذى أخلص العبادة لله فجعله نبيا ورفعه إلى السماء وقبضت روحه فى السماء الرابعة
من هو ذى الكفل ...؟
نبى الله لأن اسمه اقترن بهؤلاء النبيين لما كبر اليسع أراد أن يستخلف على الناس ، فجمعهم وقال من يتقبل لى ـ يتكفل ـ بثلاث أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب فقام رجل وقال : نعم وسكت الناس وقال اليسع فى اليوم التالى مثلها ، فقام نفس الرجل وقال : نعم وسكت الناس فاستخلفه وسماه الله ذا الكفل وجميعا أنزل الله عليهم الرحمات والمغفرة والعون والنصرة على أعداءهم وأعداء الله .
الآيات 87 ، 88
( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين )
أرسل الله نبيه يونس فى قرية نينوى من الموصل ودعاهم فكذبوه وتمردوا وأصروا توعدهم يونس بالعذاب بعد ثلاث وخرج غاضبا من بينهم ولم يصبر على الدعوة لهم خاف أهل نينوى وقذف الله فى قلوبهم الإيمان فآمنوا جميعا
وكانت ساعة عظيمة من توبة التائبين والإنابة إلى الله والتضرع والبكاء من النساء والرجال والصبيان والدواب والأنعام
كشف الله عنهم العذاب فى الدنيا والآخرة
مضت الثلاثة أيام وجاء يونس ليرى ما حدث فوجد هم سالمين فأغضبه ذلك خاف أن يقتله أهل القرية ويظنوه كاذبا فقد كان عقاب من يكذب القتل فهرب منهم سار حتى شاطئ البحر فوجد سفينة تبحر فطلب من أصحابها أن يأخذوه معهم فأخذوه اضطربت السفينة وأوشكت على الغرق وأيقنوا أنه لابد من إلقاء أحدهم فى البحر لتستقر بهم عرض يونس نفسه ليلقوا به ولكنهم رفضوا إذ أنه ضيف استجار بهم ولكنه أصر اتفقوا على أن يقترعوا فيمن يلقون به وكرروا ثلاث مرات وفى كل مرة تقع على يونس فأيقن أن هذه مشيئة الله وأنه المستهدف ألقوه فى البحر فابتلعه حوت ضخم قال تعالى ( وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم )
ساهم : المقصود بها القرعة أبق: هرب كالعبد
أمر الله الحوت أن لا يهضمه ولا يكسر له عظما وطاف الحوت به البحار كلها ولما استقر فى بطن الحوت ظن أنه مات ولكنه حرك جوارحه وعلم أنه حى سجد يونس لله شكرا وعذرا وقال ( يارب اتخذت لك مسجدا لم يعبدك فيه أحد من قبل ... سبحانك إنى كنت من الظالمين ) وسمع يونس وهو يطوف فى البحر ببطن الحوت أصوات الحيتان والأسماك تسبح فأخذ يدعوا الله حتى أمر الله الحوت أن يخرجه ويلقى به إلى شاطئ أرض لا نبات بها وهو ضعيف البدن ( فنبذناه بالعراء وهو سقيم )
( وأنبتنا عليه شجرة من يقطين ) فكان إلقائه بأرض لا نبات فيها حتى لا يتلوث بدنه الضعيف العارى وجلده الذائب بالماء المالح ثم أنبت فوقه شجرة القرع ذات الأوراق العريضة التى من خواصها أنها لا يقف عليها ذباب ولا حشرات
وأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل من ثمارها حتى برئ ويبست فبكى عليها يونس فأوحى له الله عز وجل معاتبا " أتبكى على شجرة أن يبست ولا تبكى على مائة ألفأو يزيدون أردت أن تهلكهم عندما صح جسد يونس خرج يمشى فلقى غلام يرعى الغنم ، فسأله عن قومه فقال إنه من قوم يونس فطلب منه أن يسلم على قومه ويخبرهم بأنه لقى يونس
فقال له الغلام إن كنت تكذب فإنه من كذب فعقابه القتل فمن يشهد لى ؟
قال تشهد لك هذه الشجرة وهذه البقعة
فشهد له الغلام بأنه هو وكان ذلك حيلة من ذكاء الغلام ليتأكد أنه يونس
فقال يونس للشجرة والمكان : إذا جاء كما هذا الغلام فاشهدا له قالتا : نعم
وهذا بالطبع من قدرة الله وارادته
فعاد الغلام إلى قومه وأخبر الملك بأمر يونس بعد أن ظنوا هلاكه فى البحر
فأمر الملك بقتل الغلام حيث أنه ظنه كاذبا
فأكد الغلام صدقه وطلب البرهان فأرسل معه بعض خاصته
وشهدت الشجرة والبقعة بما كان بينه وبين يونس
فكرم الملك الغلام وجعله على كرسى الحكم اربعين سنة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك من الشهادة بأن يونس كان على حق فيما قال يونس عن ربه وأنه نبى الله
قال تعالى: ( فلولا أنه كان من المسبحين * للبث فى بطنه ‘لى يوم يبعثون )
كان يونس كثير الصلاة والعبادة والتسبيح قبل أن يبتلعه الحوت ، وكانت هذه رخصة نجاته وخروجه من بطن الحوت
فإذا كان للعبد عمل صالح فإن الله يذكره عند الشدة ويرفع عنه البلاء قال صلى الله عليه وسلم : " من استطاع منكم أن تكون له خبيئة من عمل صالح فليفعل "
وقال أبو الدرداء : اذكر ربك فى السراء يذكرك الله عز وجل فى الضراء .
قال تعالى : ( وكذلك ننجى المؤمنين ) وقال عليه الصلاة والسلام : "إن من دعا بدعوة يونس فى مرضه أربعين مرة فمات أعطى أجر شهيد ."
" لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين "
الآيات 89 ـ ، 90
( وزكريا إذ نادى ربه ، رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه ، إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ، وكانوا لنا خاشعين )
وهذا نبى الله زكريا طلب من الله الولد ليرث النبوة من بعده فنادى ربه فى الخفاء من قومه وقال يارب لا تتركنى وحيدا وارزقنى الولد واجعله نبيا لأنى ليس لى من يستمر فى الدعوة بعد مماتى وأثنى على الله بأنه خير الوارثين وهذا من أدب الدعاء
فاستجاب له ربه ورزقه ولد وسماه له فى السماء باسم يحيى ولم يكن هذا الإسم معروفا عند أهل الأرض من قبل وأصلح الله لزوجته من خلقتها فقد كانت عاقرا ولها طول فى لسانها فأصلحها الله
وقد تقبل الله منهما الدعاء لأنهم كانوا يسارعون فى عمل الخيرات والقربات والطاعات وكانوا يخشعون لله ويخشونه ويصدقون بما أنزل متواضعين .
الآية 91
( والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين )
وهذه مريم ابنة عمران التى أطاعت ربها ولم تقرب الزنا فنفخ الملك روحا من عند الله وأنجبت عيسى بدون زوج ولا أب وكانت هى وابنها معجزة من معجزات الله للإنس والجن دلالة على قدرة الله فى الخلق كيف يشاء وإذا أراد شيئا فإنه يقول له كن فيكون .
الآيات 92 ـ 94
( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون * وتقطعوا أمرهم بينهم ، كلٌ إلينا راجعون * فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون )
وهذه الأمم كلها أمة واحدة والإله واحد هو الله ولا معبود غيره وعلى الناس طاعته وعبادته وحده . وتقطعوا أمرهم بينهم : ولكن اختلفت الأمم على رسلها فمنهم مصدق ومنهم مكذب ولكن يوم القيامة يرجع الجميع إلى الله فيجازى كلٌ حسب عمله .
فمن كان عمله صالحا فله حسن الثواب ولا يخشى نكران لعمله فلا يضيع وعمله مكتوب ومحفوظ .
الآيات 95 ـ 97
( وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون * حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون * واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين )
وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون : قدر الله على كل قرية أهلكها أنهم لا يرجعون إلى الدنيا حتى يوم القيامة حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون : حتى إذا اقتربت يوم القيامة فإن قومى يأجوج ومأجوج ينفتح عنهم السد الذى بناه ذو القرنين ويخرجون مسرعون الخطوات من كل مرتفع ( حدب ) وقد اقتربت أهوال القيامة .
وإذا بالكافرين يرون الأمور العظيمة والأهوال ويعترفون بأنهم كانوا خاطئين ظالمين وكانوا فى غفلة عن هذا .
الآيات 98 ـ 103
( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ، وكلٌ فيها خالدون * لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون * إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها ، وهم فى ما اشتهت أنفسهم خالدون * لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون )
ــ قل للمشركين يا محمد إنكم وآلهتكم فى نار جهنم حطب لها توقد به وإنكم داخلون فيها ــ ولو كان ما عبدتم من أصنام آلهة حقا ما دخلوها ولكنكم وما عبدتم داخلونها وخالدون فيها . ــ وهم فى النار لهم شهيق وزفير ولكن لا يسمعون فيها إلا أنفاسهم . ــ أما من كتبت لهم الرحمة والسعادة بما أحسنوا من العمل فلهم الثواب وهم مبعدون عن النار ــ ولا يسمعون صوت اللهيب ولا يلسعهم ولكن هم غارقون فى نعيم ما تشتهى أنفسهم . ــ ولا يخيفهم الموت ولا النفخة فى الصور يوم القيامة وتقول لهم الملائكة مرحبين بهم بشرا لكم بوعد الله لكم من النعيم والسرور .
الآية 104 ( يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب ، كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدا علينا ، إنا كنا فاعلين )
ــ ويوم القيامة تطوى السماء كما يطوى الكتاب أو الصحيفة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يقبض يوم القيامة الأرضين وتكون السماوات بيمينه " ــ ويبدأ خلق الإنسان كما خلقه الله أول مرة ويعيده خلقا جديدا وهذا وعد من الله لعباده وسيفعله.
الآيات 105 ـ 107
( ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون * إن فى هذا لبلاغا لقوم عابدين * وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ولقد قضى الله لعباده وأخبرهم بذلك فى الزبور مرسل مع نبيه داود أن الأرض والجنة يرثها ويمتلكها العباد الصالحين يوم القيامة وهذا بلاغ من الله لمن كان حسنا لعبادته لله وطاعته ولقد أرسلناك يا محمد رحمة للناس وهداية للخير .
الآيات 108 ـ 112
( قل إنما يوحى إلىّ أنما إلاهكم إلاه واحد ، فهل أنتم مسلمون * فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ، وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون * إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون * وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين * قال رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون )
ــ وقل لهم يا محمد إن إلاهكم واحد فهل أنتم تسلمون له وتوحدوه فى عبادته
ــ فإن تركوا ما دعوتهم إليه فقل لهم أعلمكم أنى فى حرب معكم وأنا برئ منكم وإن العذاب واقع بكم لا محالة ولكن لا أعرف موعده أقريب هو أم بعيد ــ والله يعلم ما تعلنون وما تخفون ــ ولا أدرى لعل ذلك فتنة لكم ومتعة مؤقته إلى وقت معين ــ وقل الله يحكم بينى وبينكم بالعدل والحق والله يملك الرحمة للمؤمنين وهو المستعان عليكم وعلى ما تفترون .