يعد الطفل وحدة عضوية متكاملة ، فلا نستطيع أن نرعى نموه الجسدي ، من دون أن نأخذ بعين الاعتبار نموه الاجتماعي والعاطفي 0 والاتجاه الحديث لا يفصل بين صحة الطفل العقلية وصحته الجسمية ، إذ ليس من الممكن ملاحظة إحداهما منفصلة عن الأخرى 0
وقد زاد الاهتمام بالنشاط الترويحي للطفل خلال السنوات الأخيرة ، لأنه الوسيلة الأساسية للنمو السليم للطفل ، وهو سبيله إلى التعلم ، وإلى التعرف على العالم المحيط به ، كما أنه مصدر دائم لسروره وسعادته ، لما يحويه من خبرات جديدة ، وهو جانب هام بالنسبة لجميع الأطفال ، ولذا كان تنظيم وسائل النشاط موضوعاً مهماً ، وجديراً بعناية الأسرة والمدرسة والمجتمع 0 والترويح عند الطفل ميدان واسع لألوان تعبيره ومسرح خيالاته ، ومجال قيم يتصل فيه بما حوله ، ومعمل يختبر فيه قوته وقوة غيره 0 وعن طريقه ينمو جسمياً وذهنياً واجتماعياً ، وعن طريقه أيضاً يجد الكبار الفرصة الذهبية لفهم أطفالهم ودراستهم ، ومساعدتهم على تنمية شخصياتهم تنمية متكاملة 0 ألوان النشاطالترويحي
يستطيع الأطفال ، أن يمارسوا أنواعاً متعددة من النشاطالترويحي تلائم قدراتهم ، والمستوى ', 'العلمي الذي بلغوه ، ولما كانت قدرات الأطفال ومستوياتهم تنمو بتقدم العمر , فإن ألوانالنشاط التي يمارسها الأطفال تختلف من مرحلة إلى أخرى ، تبعاً لمراحل نمو الأطفال ، ويقتصر حديثي على ذكر أنواع النشاط ، التي يمكن أن يمارسها الأطفال ، في مختلف مراحلهم العمرية 0
1-النشاط الأدبي: يشتمل على الأبحاث ، والمناظرات ، والمناقشات ، والندوات الأدبية ، والصحافة والتحرير ، وتنظيم المكتبة والاستفادة منها ، والإذاعة المدرسية ، والحاسب الآلي 0 وغالباً ما يرتبط هذا النشاط بمواد اللغة العربية ، وهو يساعد الأطفال على التعبير عن آرائهم بطريقة منتظمة ، ويكسبهم الخبرة والمران على وسائل المناقشة والإقناع وعرض الموضوعات 0
2- النشاط العلمي: يتناول قيام الأطفال بأعمال علمية بسيطة ، تتناسب مع معلوماتهم وقدراتهم ، كمثل استنبات البذور ، أو تشريح بعض الحيوانات ، أو تصفية الماء وتعقيمه ، أو زيارة بعض المعامل أو المصانع ، مثل معمل المواد الغذائية ، أو المنظفات ، أو السكر ، أو النسيج 0 ويدخل ضمن هذا النشاط أيضاً قيام الأطفال بصناعة بعض المواد ، بشكل مدرسي بسيط ، كصنع بعض الأجهزة ، وبعض المصورات ، وغير ذلك 0
3- النشاط الفني: لا يقتصر على ضروب النشاط الفنية المعروفة ، من رسم وأشغال وإلقاء الشعر ، وإنما يتجاوزها إلى ضروب أخرى كالمسرح وغيره ، ويتسرب هذا النشاط إلى الدروس وأوجه النشاط الأخرى ، فيساعد على النجاح وتحقيق الأهداف المرجوة 0
4- النشاط الرياضي: يتضمن ممارسة الأطفال لمختلف الألعاب الرياضية ، التي تناسب أعمارهم ، وللحركات الرياضية التي تنمي قواهم العضلية ، وتدخل ضمن هذا النشاط أعمال الزراعة ، وتعلم الحرف اليدوية 0 فالنشاط الرياضي هو النشاط الجسدي عامة ، وهو ليس غاية في ذاته بل وسيلة لتحقيق غايات تربوية هامة ، منها تنمية الجسم بكامله ، والمحافظة على صحته ، وتعويده التكيف مع الظروف الطبيعية ، وإغناؤه بالمهارات البدنية والكفاية الرياضية ، ومنها أيضاً تقوية القوى النفسية من ملاحظة وترابط وخيال وتفكير 0 وتحقيق التناسق بين هذه القوى ، ومنها أيضاً غايات خلقية اجتماعية ، كتعود الصدق والثقة بالنفس والجرأة ومحبة العمل اليدوي واحترامه ، وتعود العمل الجمعي وإنكار الذات والتعاون في سبيل هدف واحد ، وتقبل الإخفاق بروح رياضية 0
5 – النشاط الاجتماعي: هذا النشاط مبثوث في سائر النشاطات الأخرى ، و لا يعد نشاطاً قائماً بذاته ، مستقلاً عن غيره من ضروب النشاط ، وهدفه الأول أن يتعود الأطفال العمل الجماعي المتعاون ، و أن يشعر الطفل بالمحبة والولاء لجماعته ، وأن يعد للاضطلاع بالمسؤوليات الاجتماعية ، ويصبح مواطناً اجتماعياً صالحاً 0 وأبرز وجوه هذا النشاط ، اللجان المدرسية على اختلاف أشكالها ، والخدمات الاجتماعية ، كخدمة المدرسة والحي والقرية في نواحي التنظيف والتجميل ، والتسيير الذاتي ، فيقوم الأطفال بحكم أنفسهم في المدرسة ، وتصبح العلاقات في المدرسة ودية ، يتمرن بها الأطفال على وسائل هذا النوع من التسيير ، مما يعدهم أفضل إعداد لمواجهة المجتمع الذي يعيشون فيه ، ويتجلى النشاط الاجتماعي بأشكال أخرى ، كالأسر المدرسية ، والرحلات ، والحفلات ، والمهرجانات ، وغير ذلك 0
وبصورة عامة ، فإن النشاط الناجح ، الذي يساعد الطفل على أن يكبر وينمو ، ينبغي أن يحقق الأغراض التالية :
• نشاط الجسم 0
• إثارة الفكر 0
• النشاط الاجتماعي ، بالاشتراك مع غيره من الأطفال ومن الكبار أيضاً 0
• فرص التعبير الابتكاري 0
وأخيراً ، يوفر النشاطالترويحيلأطفالناالصغار ، إمكانية الحوار بين الطفل والآخرين ، مما يشجع على العطاء والإنتاج ، ويكشف تحليل الألوان المختلفة للنشاط الترويحي ، على تحديد آفاق الإبداع ، وتمييز جوانب التقليد والابتكار الكامنة في نفس الطفل 0
وكلما تطور نمو الأطفال ، أخذ النشاطالترويحي يحتل مكانة متزايدة في حياتهم ، ويلعب دوراً أكبر في هذا النمو ، والنشاط المنظم يثري خيال الطفل ويصقله 0 وأن أحسن إعداد للطفل من أجل المستقبل ، أن يعيش حاضره ، وأن يحقق ذاته ، وأن يعمل في كل مرحلة من مراحل النمو بطريقة تساعده على التغيرات التي تتطلبها مرحلة النمو التي تلي تلك التي يكون فيها 0
وفي ضوء ذلك لا تكون تنشئة الطفل وتربيته عملية يُرْغَمُ فيها على النمو بحسب مدركات سابقة ، وإنما هي مساعدته في النمو التلقائي ، ويتحقق ذلك في ممارسته لألوان النشاط المختلفة ، التي يتفاعل معها برغبته وميوله 0