تذكر هيئة الملكين وهما يقعدانك ويسئلانك ملكان اسودان ازرقان ......
تذكر كيف يكون جسمك بعد الموت ؟ تقطعت أوصالك وتفتت عظمك , وبلي جسدك , واصبح قوتاً للديدان ..
ثم ينفخ في الصور ... إنها صيحة العرض على الله , فتسمع الصوت , فيطير فؤادك , ويشيب رأسك , فتخرج مغبر حافي وعاري ..
قد رجت الارض , وبست الجبال , وشخصت الأبصار لتلك الأهوال , وتطايرت الصحف , وقلق الخائف ...
فكم من شايبً يقول : واشيبتاه !
وكم من كبير ينادي واخيبتاه !
وكم من شاب يصيح واشباباه .
برزت النار فأحرقت , وزفرت النار غضباً فمزقت , وتقطعت الأفئدة وتفرقت ... والأحداق قد سالت , والأعناق قد مالت والألوان قد حالت , والمحن قد توالت .
تذكر مذلتك في ذلك اليوم , وانفرادك بخوفك وأحزانك , وهمومك وغمومك وذنوبك , وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا , وجيء يومئذ بجهنم يوم يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى , قد مُلئت القلوب رُعباً , وذهلت المرضعة عن رضيعها وأسقطت الحامل حملها ...
وتتبرأ حينها من , أمك وأبيك , وزوجك وأخيك ......
تذكر تلك المواقف والأهوال , ويوم ينسى المرء كل عزيز وحبيب .
ووقفت بين يدي الملك الحق المبين , الذي كنت تهرب منه , ويدعوك فتصد عنه , وقفت وبيدك صحيفة , لاتغادر صغيره ولا كبيره إلا أحصتها , فتقرئها بلسان كليل , وقلب كسير , وقد عمك الحياء والخوف من الله .....
فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن عمرك , وشبابك , وعلمك , ومالك ... وبأي قدم تقف غداً بين يديه , وبأي عين تنظر إليه , وبأي قلب تجيب عليه .
ماذا تقول غداً له , عندما يقول لك يـاعبدي : لماذا لم تستحي مني ؟؟ , لماذا لم تراقبني بالخلوات ؟؟