أحياناًيشعر الآباء بالقلق عندما يواجهون موضوع تربية أطفالهم، لكن المشاحناتاليومية بخصوص إطعام الطفل، تغيير الحفاضة له، نوبات غضبه، .. الخ، ليست هىفىالواقع الأمور التى تبعث فى نفوس الآباء هذا القلق ولكن ما يهمهم بشكلأكبر هى الأمور الخاصة بكيفية توجيه أطفالهم بحيث يستطيعون اتخاذ القراراتالسليمة التى تؤثر على حياتهم، وكيف يساعدونهم على فهم قيمة حياتهم هم وحياةالآخرين أيضاً. بمعنى آخر، كيف ينمى الأبوان فى طفلهما مشاعر الحب والاهتمامتجاه الآخرين وكيف يربون فيه الضمير أيضاً.
يقول د. نبيل أحمد–أخصائىنفسى بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة: "بما أن الطفل يأتى إلى هذهالدنيا وهو يحتاج لتعلم كل شئ، فإن أبويه يمثلان بالنسبة له القدوة الأولىوبالتالىفإن المسئولية تقع على عاتقهما. يمثل الأبوان بالنسبة لطفلهماالقدوة فى كيفية التعامل مع الآخرين، لكن قد يقلق الأبوان من أنهما ربما لايكونان قدوة ممتازة فى كل شئ، لكن كل ما عليهما هو أن يكونا بالنسبة لهنموذجاً للمبادئ والقيم التى يؤمنان هما بها." عندما سئل د. نبيل أحمد عنكيفية تنمية مشاعر الطيبة والتعاطف عند الطفل، اقترح د. نبيل الأساليبالآتية:
أظهرىلطفلك كيف يعامل أفراد الأسرة والآخرين برعاية واهتماموأسلوب مهذب: من المهم أن يلمس الطفل مشاعر الحب والرعاية بين أبويه حتىلو اختلفا أحياناً. يقول د. نبيل: "قد يرعب الطفل على سبيل المثال أن يرىمشاجرات بين أمه وأبيه. إذا حدث ذلك فى أى وقت يجب أن يشرح الأبوان لطفلهماأنه من الممكن أن يختلف الناس فى الرأى وقد يتجادلون ولكن لا يعنى ذلك أنهملا يهتمون ببعضهم البعض." يقترح د. نبيل أيضاً أنه إذا ذهب الأبوان لزيارةالجدود أو قريب مريض، يمكن أن يأخذا معهما طفلهما ليرى كيف يهتم أبواه بأفرادأسرتهما.
يجب أن يتعلم الطفل الأدب بقول "لو سمحت" و "شكراً"، والطيبةبأن يشرك الأطفال الآخرين معه فى اللعب بألعابه بدلاً من محاولة إغاظتهم،ومساعدة الآخرين بمساعدة صديق يحتاج إليه أو بمساعدة أحد الجيران فى حمل بعضالمشتريات، .. الخ. يجب كذلك أن يعلم الأبوان طفلهما أن يعتذر عندما يخطئ وأنقول "آسف" لا يقلل من شأنه، بل على العكس سيتعلم الطفل أن الاعتراف بالخطأأفضل، وهو أمر يحدث لكل الناس.
يضيف د. نبيل أحمد أن هذه السلوكياتالطيبة يمكن أيضاً أن تنطبق على معاملته لأشخاص حتى من خارج الأسرة أوالأصدقاء. على سبيل المثال، يمكن أن يعلم الأبوان الطفل أنيكون لطيفاً معمربيته، أو أن يقول للبواب فى الأعياد "كل سنة وأنت طيب." بعض الأطفال يسيئونمعاملة من لديهم إعاقة وهم لا يدركون أن تلك المعاملة ستجرح مشاعرهم، قد يكونالسبب أن الطفل لا يفهم كيف أو لماذا ذلك الشخص معاق. يمكن فى هذه الحالة أنيشرح الأبوان للطفل نوع الإعاقة التى يعانى منها ذلك الشخص وكيف يراعى شعورهبشكل أكبر.
نمى فى طفلك الشعور بالانتماء والمسئولية: يمكن أيضاًأن يشجع الأبوان طفلهما على التبرع ببعض لعبه للأطفال المحتاجين أو للأيتام،أو أنيكون له دور فى رعاية حيوان أليف، أو أن يعطى جزءاً من مصروفه لمن همفىحاجة إليه. من المهم أن يتعلم الطفل أيضاً أن يعامل الناس الذين يقدمونخدمات بسيطة ولكن هامة للمجتمع بطريقة مهذبة ومتواضعة مثل ساعى البريد، سائقالتاكسى، وجامع القمامة.
عندما نشعر الطفل أنه "منتمى" أو أنه "جزء منالكل" ليس فقط جزء من أسرته ولكن جزء من المجتمع، يمنحه ذلك شعوراًبالاستقرار والأمان، وعندما تأتى الفرصة للطفل بعد ذلك لمنح المساعدة وتحملالمسئولية داخل وخارج البيت، وقتها سيجنى مكافأته وهى شعوره بأهميته بالنسبةللآخرين. بمجرد أن يشعر الطفل بالرضا لاهتمامه بشخص وتحمله المسئولية سيصبحأكثر حناناً وتعاطفاً وسينمى ذلك عنده مشاعر الطيبة والاهتمام بالآخرين.
علمىطفلكأن يشعر بالنعم التى يتمتع بها: يوضح د. أحمد نبيلقائلاً: "أن يشعر الطفل بالامتنان لما يتمتع به هو فى الواقع أمر هام للغاية،فسيعرف الطفل أن لديه من النعم ما قد لا يتمتع به أطفال آخرون." على سبيلالمثال، الجوع الذى يشعر به الطفل فى شهر رمضان وهو صائم سيذكره بالجوع الذىقد يشعر به الفقراء حتى فى الأيام العادية، الفرق أنه بعد بضع ساعات سيأكلولكن الطفل الفقير قد لا يكون لديه نفس الحظ. كما أنه قد يسلى نفسه بقراءةكتاب جديد أو لعبة أثناء صيامه وهو غالباً ما لا يكون متوفراً للطفلالفقير.
علمىطفلك كيف يعبر عن مشاعره السلبية مثل الغضب أو الحزن: من المهم أن يظهر الأبوان للطفل كيف يعبر ليس فقط عن مشاعره الإيجابيةولكن أيضاً عن مشاعره السلبية. على سبيل المثال، يمكن للأبوين أن يعلماطفلهما كيفية التعبير عن الغضب دون صراخ، أو كيفية التعامل مع مشاعر الحزنبهدوء بدلاً من الإصابة بالإحباط.
أولاً، من المهم أن يعرف الطفل أنالمشاعر السلبية أمر طبيعى. على سبيل المثال، عندما يكونطفلك حزيناً، وضحىله أن هذه مشاعر طبيعية وقولى له أنكما تحتاجان للجلوس سوياً لمناقشة أسبابحزنه وكيفية التغلب عليه. هذا السلوك يمثل بالنسبة للطفل مشاعر الاهتماموالرعاية من قبل والديه وهكذا يتم تعليم هذه المشاعر للطفل. عندما يأتى الأبمن عمله إلى البيت عصبياً أو متضايقاً ويصرخ فى طفله، يجب أن يعتذر سريعاًلطفله مع الاعتراف بأنه قد أخطأ فى ذلك، ويشرح له السبب وليس العذر وراءتصرفه. يمكنه أن يشرح له أن لديه مشاكل فى عمله جعلته عصبياً. هذا سيعلمالطفل أنه يجب أن يتحكم فى غضبه لكى لا يجرح شخصاً آخر، وإذا حدث وتصرفبعصبية فيجب أن يشرح السبب.
يجبأن يوضح الأبوان للطفل أن الوقاحة معالآخرين غير مقبولة، ويجب أن يشرحا لطفلهما أنه إذا تصرف طفل معه بوقاحة لايجب أن يرد عليه بنفس الوقاحة، بل يجب أن يتجاهله وبذلك يشعره بأن سلوكه غيرمقبول.
اشرحىمشاعرك وأحاسيسك لطفلك: يقول د. أحمد: "اشرحى لطفلكعندما تكونين سعيدة، حزينة، مجروحة، أو قلقة." يمكنك أن تقولى له "أنا سعيدة"عندما يشرك الأطفال الآخرين معه فى لعبه، أو "أنا حزينة" عندما يسافر أحدأفراد الأسرة قد سافر، أو "أنا مجروحة" عندما يقول لك كلام يجرح، أو "أناقلقة" عندما يكون أخوه مريضاً أو أخته مريضة. مع الوقت سيفهم الطفل معنى هذهالمشاعر، وكيف تؤثر عليه وعلى من حوله وأنها مشاعر طبيعية تمر بكل الناس.
عاملىطفلك بنفس الاحترام الذى تعاملين به الآخرين: يقول د.أحمد: "عاملى طفلك بطريقة مهذبة واشرحى له ما تفعلين ولماذا. على سبيلالمثال، إذا كسر طفلك الأصغر كوباً، لا تضربيه على يده وتنصرفين بعصبية،بدلاً من ذلك اشرحى له لماذا يعتبر ذلك تصرفاً غير سليم." بهذه الطريقة أنتتهذبينه ولكن بالاحترام الذى يستحقه وهو نفس الاحترام الذى سيعامل به الآخرينفيما بعد.
من المهم أيضاً أن تؤكدى على الميزات الحميدة فى طفلكبمدحه وتقليل انتقادك له. يقول د. أحمد: "يسهل على الأبوين عادةً تحديدالتصرفات السلبية لطفلهما ولكن يجب فى نفس الوقت الإشارة إلى الجوانبالإيجابية فيه للتأكيد على السلوكيات الحميدة لديه. على سبيل المثال، أن يشركالطفل أطفال آخرين فى لعبه سلوك حميد، لذلك يجب أن يمدح الطفل على هذا السلوكللتأكيد على هذه الصفة الحميدة فيه."
أغلب الآباء يتمنون أن يصبحأطفالهم طيبين وحنونين. لا تيأسا فبالصبر والرعاية سيصبح طفلكما إنساناًطيباً. تذكرا أن الطفل يتعلم كيف يهتم بالآخرين ويعطف عليهم ليس فقط منمشاهدة سلوكيات غيره ولكن أيضاً من شعوره هو بالحب، والتقييم، والرعاية منقبل الآخرين. عندما ينشأ الطفل فى جو من الحب والرعاية، سيصبح هو فيما بعدإنساناً محباً للآخرين ومهتماً بهم.