ورد في كل الرسالات السماوية التوجيه عن طريق الترغيب و الترهيب و الثواب و العقاب وهو أمر فطري لأن الجزاء الطبيعي للخير يكون خيرا و جزاء السوء يكون سوءا. و في تربية الأطفال يكون الأمر مماثلا فالسلوك السليم يجازى بالمكافأة للتشجيع و السلوك غير المقبول يجازى بالردع و العقاب لتعديله. لكن المشكلة تكمن في كيفية تنفيذ هذا العقاب و كيفية جعله مفيدا للطفل دون خدش لكرامته أو سلامته النفسية أو الجسدية.
يجب على كل مرب أما كان أو أبا أو غيرهما أن يعلم أن العقاب لا يجب أن يكون انتقاما من الطفل أو إفراغا لشحنة من الغضب كان هو السبب فيها بل هو إجراء تربوي كل هدفه تقويم سلوك الطفل و تصحيحه في الإتجاه السليم و لا يجب أن يكون العقاب هو الخطوة الأولى نحو تعديل سلوك الطفل بل يجب أن يكون الورقة الأخيرة و تكون الخطوات الأولى عبارة عن التوجيه و الحوار و تبيين الأخطاء و محاولة إفهام الطفل لماذا يعتبر هذا السلوك أو ذاك غير مقبول. و حتى يكون العقاب مثمرا يجب توخي الحذر من العديد من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء بحجة التربية و محاولة اتباع اسلوب يتسم بالمرونة مع المواقف المستجدة و محاولة فهم الطفل للوصول إلى الطريقة المثالية لتصليح أخطائه:
مرحلة ما قبل العقاب:
-إبداء الرفض التام للسلوك الخاطئ للطفل -التحذير من مغبة العودة إلى مثل هذا السلوك -التوجيه من خلال القصص المعبرة و التي تحتوي على مغزى هادف -اختيار الألفاظ المناسبة ليفهم الطفل انه مخطئ و من المستحسن اختيار عبارات مقتضبة يفهم الطفل بعدها أنه ارتكب خطأ مثل : ” هذا ليس جيدا” أو ” هذا السلوك خاطئ” -النظرة من أكبر الوسائل المعبرة على الرفض و يجب أم يتعود الطفل على فهم نظرات والديه عند الغضب حتى يحس أن النظرة الحادة من طرف أحد الوالدين عقاب في حد ذاته
العقاب:
-الحرمان : من أكثر الوسائل نجاعة في تربية الطفل و توجيهه و يكون الحرمان من شيء يحبه مثل الخروج للنزهة أو اللعب بالكمبيوتر أو من أحد حقوقه مثل المصروف اليومي على أن تحدد المدة الزمنية للعقاب قبل تنفيذه و الإلتزام بها مع تقدير العقاب حسب حجم الخطأ على أن لا يتعدى مدة 3 أيام
-الهجر: وسيلة فعالة أيضا في التعبير عن عدم قبول سلوك الطفل و يتعلم الطفل من خلالها أنه إذا ما أخطأ فإنه سيكون مرفوضا من قبل المربي لكن لا يجب المبالغة في المدة مع مراعاة عدم الإتسام بالقسوة المبالغ فيها عند محاولة الطفل استرضاء المربي
-المنع من الحرية: وهي وسيلة فعالة لا ينتهجها الكثيرون و تقتضي بعزل الطفل لفترة قصيرة لا تتجاوز 5 دقائق على أقصى تقدير في مكان مع عدم السماح له باللعب و بعد انقضاء المدة يعامل بطريقة طبيعية على شرط أن يستوعب لماذا عوقب و إذا رفض الطفل الإنصياع للأوامر و حاول الهرب من المكان يكون الحل إرغامه على المكوث في المكان عن طريق إغلاقه أو ما شابه مع الحرص على سلامته قبل كل شيء
-لا تعاقب في حالة غضب: لأن الهدف منه سيكون التنفيس عن الغضب لا الإصلاح و التهذيب
-عدم معاقبة الطفل على صغائر الأمور أو الأمور الطبيعية مثل الحركة الزائدة أو النزاع بين الإخوة و كلما كان العقاب نادرا كلما آتى ثماره بقوة و أصبح مصدر تقويم لسلوك الطفل
-لا للعقوبة القاسية مثل التحقير و الإهانة و النعت بالألفاظ التي تحط من كرامة الطفل و تحطم شخصيته التي لم تكتمل بعد
-العقوبة مباشرة بعد الخطأ حتى يفهم الطفل لماذا تعرض للعقاب و إلا فإنه سينسى و سيعتبر العقاب ظلما له
-لا للعقاب بعد الألم : قد يخطئ الطفل خطا ما فيتسبب في إيذاء نفسه لذلك فلا يجب أن نزيد من ألمه بمعاقبته بل الألم الذي انجر عن خطأه هو الكفيل بتأديبه
-لا لعقاب الطفل الذي يعاني من مشاكل نفسية مثل الغيرة المفرطة أو النشاط الزائد لأن ذلك قد يكون سببا في تفاقم المشاكل بل يجب الحرص على توجيهه بالطرق التي تتماشى مع شخصيته
-لا للعقاب عند الإعتراف بالخطأ لأن ذلك سيؤدي إلى تخيير الكذب على قول الحقيقة التي أوصلته إلى العقاب.