يستنفد القلق الكثير من وقت الآباء والأمهات بسبب استمرار أطفالهم في الشجار، والنزاع، والمضايقات، والتنافس، فيما بينهم. وهذه مخاوف لا داعي لها في كثير من الأحيان، لأن قدرا معينا من التنافس هو أمر عادي وطبيعي بين الأطفال، فهذه المعارك الصغيرة التي تحدث بينهم في واقع الأمر تعلمهم كيف يتعاملون مع الآخرين خلال حياتهم خارج البيت. وهي جزء طبيعي من عملية تطورهم ونموهم وتحولهم إلى بالغين ومستقلين. يتعلمون احترام مشاعر الآخرين. واجبك التأكد من أن الأمور لا تتصاعد وأنهم يتحركون ويتصرفون وفقا لقواعد الأسرة.
فمجادلات الأخوة تعلمهم النقاش بطريقة سليمة، من دون أن يؤذي بعضهم بعضا جسديا أو نفسيا. وقد يكون من الصعب تصديق هذا الكلام عندما تستمعين إلى مجادلاتهم، التي تبدو مملوءة بالألفاظ النابية في تلك اللحظة. لكنها في الحقيقة هي عملية تعلم لأطفالك.
فالبيت منطقة آمنة لاستكشاف ردود الفعل على الصراع، في بيئة يدركون أنهم موضع الحب والرعاية. حيث يتعلم الإخوة أفضل الطرق لحل مشاكلهم وصراعاتهم وتسويتها.
والسؤال:
لماذا يتشاجر الأطفال، وماذا يستطيع الآباء أن يفعلوا حيال ذلك؟
هناك عدة أسباب للمشاجرات والمضايقات بين الأطفال مثل:
الملل، والتعب، والجوع. وفي بعض الأحيان محاولة الحصول على اهتمام وحب الوالدين، والبحث عن الرفقة، وقد تكون انعكاسا لمحاولاتهم تطوير مفهومهم الخاص للسلطة.
إن فهم الدوافع الحقيقية للشجار بين الأطفال يمكن أن تساعدك على معرفة ما يجب القيام به.
أسباب الشجار بين الأخوة :
حاجة الأطفال لتلبية حاجاتهم الأساسية:
فهل فكرت أن تلاحظي متى تزيد مشاجرات أطفالك؟ كثيرا ما أسمع بعض الأمهات يشكين بأسى: لا يحلو لهم الشجار إلا وأنا مشغولة جدا حقيقة أنت هنا تضعين يدك على سبب المشكلة الحقيقي، فبينما تنشغلين في الأعمال المنزلية، أو الذهاب إلى عملك، أو الذهاب للتسوق، تتعالى أصواتهم: أخذ لعبتي ، ضربني ، قال لي أنت غبي لا بد أن لكل هذه العبارات معاني مألوفة لديك.
إن الطفل المتعب، والجائع، أو الذي يشعر بالملل والإهمال، لا يمكن أن يكون سعيدا ومتعاونا.؟
رغبة الأطفال في الحصول على اهتمام وحب الوالدين. فالغيرة في الواقع هي سبب مشترك للشجار قد يستمر حتى مرحلة البلوغ.
الرغبة في فرض السيطرة، فرغبة الطفل في التعرف إلى مفهوم السلطة جزء من عملية النمو، فالطفل يحاول تجربة ان كان يستطيع أن يجبر الآخرين على فعل ما يريده، ويلاحظ الإخوة أن احدهم يملك مهارات لا يملكها الآخرون، مما يخلق روح المنافسة بينهم، وقد تخلق المنافسة بين الإخوة شعورا بعدم الأمان وعدم التسامح، إن التعامل مع روح التنافس بين الإخوة تعتبر تحد كبير في مرحلة الطفولة.
ماذا يمكن للوالدين أن يفعلا للتقليل من مشاجرات الإخوة؟
1- معرفة الحاجات الأساسية للأطفال التي لم تلب.
هل هم جائعون؟
أم متعبون، أو يشعرون بالملل؟
إن حصولهم على فترة راحة، أو تناول وجبة خفيفة صحية، أو دمجهم بنشاط ممتع قد يكون له فعل السحر.
2 - تجاهلي المشاجرات البسيطة. التي لا تؤذي أو تسبب الضرر. وعليك التزام الهدوء وتجنب الكلام والنظر إليهم،
فإذا كانت الأمور تبدو تحت السيطرة، فقد يكون من المفيد مغادرة الغرفة أو الانشغال بأمورك الخاصة.
فالتجاهل أفضل في مثل هذه الحالة، خاصة وأنك تواصلين الاهتمام بمتابعة حسن سلوك أطفالك.
3- قضاء بعض الوقت مع كل طفل، تشير الدراسات إلى أن قضاء 15 إلى 20 دقيقة من الاهتمام الفردي مع كل طفل يوميا من شأنه أن يقلل السلوك العدواني والتذمر. كقراءة قصة، أو المشاركة بلعبة، أو مجرد إشراكهم في الأنشطة الروتينية اليومية هي وسائل جيدة لإعطاء اهتمام إيجابي.
4- تعليم الأطفال طلب الاهتمام بطريقة إيجابية. قولي لطفلك:
أخبرني عندما تريد أن أعانقك أو أقبلك ، ووضحي لهم قائلة:
لا أستطيع أن ألعب دائما معكم لفترة طويلة، ولكن يمكن أن أقرأ لكم كتابا أو احكي قصة أو قولي لطفلك:
صراخك يؤذي أذني، تكلم بهدوء لطلب ما تريد . إذا كان لديك أطفال مستاؤون فعليك مساعدتهم على إيجاد وسيلة للتعبير عن تلك المشاعر بصراحة لك أو لمن هم على خلاف معهم. علميهم أن يكونوا قادرين على التعبير عن أنفسهم، مما سيقلل نسبة المشاحنات التي تحدث بينهم.
5 - دعي كل طفل من أطفالك يشعر بأنه مميز، فليس من الضروري أو حتى من الممكن معاملة الأطفال
بالمساواة في كل شيء. فلكل طفل شخصية فريدة من نوعها، واهتماماته الخاصة. شجعي تلك السمات
والاهتمامات. وتجنبي عقد المقارنات بينهم، ولا تحاولي تنمية روح المنافسة بينهم. فبدلا من أن تقولي أحمد أكثر مهارة في الرسم من محمد يفضل أن تقولي أحمد يحب الرسم ، فالغيرة في الواقع سبب أساس للشجار. ووقف المشاجرات يعني البحث عن السبب الكامن وراء الغيرة. وذلك من خلال حصول الأطفال على الوقت الكافي من الاهتمام، ومعاملتهم على قدم المساواة عندما يتعلق الأمر بقواعد السلوك والانضباط، وبحاجتهم للشعور بالحب.
6- تعليم الأطفال أصول التفاوض وإيجاد حلول وسط، كتعليمهم مقايضة لعبة بأخرى، وان يأخذ كل واحد دوره في اللعب، فهذا أول درس في فن التفاوض. اجلسي مع الطفل لتعليمه كيفية مقايضة لعبة مع طفل آخر وليس الاستيلاء عليها. أما للأطفال الأكبر سنا، ركزي على عملية الالتزام بالدور. استخدمي جهاز توقيت.
وإذا كان أحد الأطفال لا يريد أن يلعب، علمي طفلك الآخر كيفية إبرام اتفاقية للعب في وقت لاحق. فمعظم الأطفال في عمر (4 - 5) سنوات يمكنهم إيجاد شيء آخر للقيام به لمدة نصف ساعة على الأقل. وإذا لم يتفق الأطفال على ما يلعبونه، ساعديهم على تعلم كيفية طرح عدة أفكار إبداعية حتى يتمكنوا من الخروج بشيء يتفقون عليه.
7- تجنبي اتخاذ جانب أي طرف. فمع الأطفال الأصغر سنا، افصلي بين الأطفال بهدوء ولكن بحزم، وخذيهم إلى غرف منفصلة. وتجنبي الصراخ أو إلقاء المحاضرات. تحدثي معهم بعد بضع دقائق عندما يهدأوا. أما للأطفال الأكبر سنا، أجلسيهم على الأرض بالقرب من بعضهم بعضا، في أماكن ليس قريبا جدا من بعضهم بعضا، وليست مريحة أيضا، واخبريهم أنهم يمكن أن يتركوا هذا المكان عندما يخبروك عما أخطئوا به. وعلى كل طفل الاعتراف بما فعله، وليس أخطاء الطفل الآخر. هذه التقنية تعود الأطفال على تحمل مسؤولية أفعالهم، وتقلل من توجيه اللوم للآخرين.
قد يكون أحد الأطفال في بعض الأحيان هو الشخص المثير للمشاكل في معظم المشاجرات، مما قد يدفع بأحد الوالدين لحماية الطفل الذي تم استهدافه. هذا التصرف يجعل الوضع أكثر سوءا لأن الطفل الذي بدأ المعركة يشعر بأنه معاقب أكثر وبأنه خارج المجموعة. وهذا يجعلهم يبدؤون مشاجرة جديدة فور نشوء أي فرصة لذلك.
وأحيانا قد يبدو أن أحد الأطفال قد بدأ الشجار، لكن في واقع الأمر لا يكون بالضرورة هو المحرض. فالأطفال أذكياء ومبدعين، ويعرف واحدهم كيف يحرك أحدهم أخوته بحيث يبدو وكأنه الشخص السيئ. تأكدي من أنك تفهمين الصورة بأكملها قبل إلقاء اللوم على طفل واحد.
علمي أطفالك القيام باختيارات بسيطة بين ارتداء قميص أحمر أو أزرق، أو اللعب بالسيارة أو الطائرة، فهذا يعلمهم كيفية اتخاذ القرارات. كما يتعلمون النتائج المترتبة على تلك القرارات البسيطة. اتخاذ القرارات الجيدة يحتاج لممارسة.
يمكن للوالدين إعطاء الأطفال فرصة لتعلم صنع القرار. فعلى سبيل المثال، عندما يتشاجر الأطفال، يمكن للوالدين القول يمكن أن تقرروا كيفية تشارك اللعبة، أو سوف آخذها بعيدا .
8- تشجيع المفاوضات التي تحقق المكسب لكلا الطرفين. فعندما يواجه الأطفال مشكلة في التفاوض، فمن المفيد مساعدتهم على حل المشاكل باستخدام الخطوات التالية: اطلبي منهم وقف النشاط، والاستماع إلى بعضهم بعضا، وتحديد المشكلة، والبدء بالتفكير في طرق مختلفة لحل المشكلة، وأخيرا وضع خطة تلبي احتياجات الجميع وترضيهم، بحيث يكون الجميع فائزين، ومن ثم تنفيذ الخطة المتفق عليها. وفي النهاية يتم تقييم مدى نجاح خطة عمل.
معظم الأطفال الصغار يحتاجون لمساعدة الكبار في التفكير بهذه الطريقة، ويستغرق تعلمها وقتا. لكن ميزتها أنه بعد القيام بهذه العملية مرارا وتكرارا، فإن الأطفال الصغار سوف يتعلمون جيدا تحديد المشكلة، وطرح خيارات مختلفة لحل المشكلة بأنفسهم. فالطفل الذي يتمرن على التفكير بطرق مختلفة لحل مشكلة أقدر على حل الصراع بطريقة إيجابية.
ضعي قواعد أساسية لسلامة الأسرة: علمي الأطفال أن الضرب وإطلاق الألقاب والصفات السيئة ليس مقبولا للتعامل مع الصراع. وكوني حازمة في تنفيذ هذه القواعد.
شجعي الأطفال على تسوية خلافاتهم الخاصة عندما يكون ذلك ممكنا. وساعديهم على الخروج من حالة الجمود، فهم بحاجة إلى التوجيه. اعرضي عليهم عدة خيارات أو أفكار للتوصل إلى حل وسط.
كوني مثالا جيدا فالأطفال يتعلمون من مراقبتك. كوني نموذجا جيدا لمهارات التواصل. قولي لهم لا بأس بأن تغضب، وان تختلف في بعض الأحيان مع الآخرين، لكن حافظ على هدوئك وعندما تفقدين أعصابك - وهو ما يحصل مع جميع الآباء والأمهات من وقت لآخر- اعترفي بذلك.
- وفري لكل طفل الاهتمام الفردي. تبين البحوث أن إعطاء الأطفال عناية فردية يساعد على الحد من
المشاجرات بين الإخوة. واجعليهم يشعرون بمدى أهمية كل منهم بالنسبة لك.
- شجعي التعاطف، تقترح د. لوري كريمر، قسم تنمية الإنسان المجتمع- جامعة الينوي، روتينا بسيطا يدعى انظر إلى الأمور بطريقتي، أرى الأمور بطريقتك ويتم ذلك بتعليم الأطفال التوقف، وتناوب الاستماع إلى أفكار ومشاعر بعضهم بعضا، وتكرار كلمات إخوتهم للتأكد بأنهم سمعوا بشكل صحيح. فهذا يساعدهم على الاستماع وأخذ وجهة نظر الآخر بعين الاعتبار.
- إن تغيير المزاج قد يكون أكثر فائدة للأطفال الصغار فساعديهم على ذلك بممارسة نشاطات مثل:
الاستماع لموسيقى هادئة، قراءة قصة، وتقييم احتياجات الأطفال.
وتذكري أن الاختلاف شيء طبيعي، والأطفال ليسوا استثناء. ولديهم مشاعر قوية وآراء حول بعض الأمور.
ساعديهم على تعلم الاهتمام برغبات واحتياجات الآخرين، والتحدث بهدوء أثناء الخلافات، والمشاركة للتوصل إلى اتفاق. ومع الوقت، والتوجيه السليم للتعامل مع الصراع سوف يتعلم الأطفال لمدى الحياة.