[align=center]في إحدى رحلاتي كان حظي من عدم الترتيب في حجز المقاعد.. فجاء مقعدي قرب تلك الام القاسية التي كانت طفلتها تبكي طول الرحلة بصوت وصراخ غير عادي، حتى ظننت ان الطفلة بها أذى أو تشكو من مشكلة صحية حقيقية وأمها لاتعلم..
وما أن نظرت بالأم حتى أجابتني لاتستغربي هي "هكذا تبكي حتى تسكت" .. فبدأت باقتراحاتي الفضولية والتي يطرحها أي معايش للوضع ومضايقة طفلة ربما هي جائعة؟ مجيبة الام: لا ليس جائعة، أو أنها ظمآنة؟.. لا.. او ربما ملابسها مبللة؟.. لا.. أو ربما الضغط الجوي مؤذيها؟ لا.. هي هكذا دائماً..
وأخذت الأم القاسية تضرب ابنتها بكل قوتها على ظهرها.. وبعد مضي وقت ليس بالقصير وبعد أن شعرت بالغثيان من صراخ تلك الطفلة..
اقترحت على الأم وأنا مصممة ألا تقاطعني الأم في اقتراحي. فقلت لها ربما انها متضايقة من الملابس والحلى.. فلماذا لا تخففي عنها بعض الأشياء لربما ترتاح؟
وماهي إلا ثوانٍ وإذا بالأم تشتم وتلعن خادمتها التي ألبست الطفلة حذاءها بشكل خاطئ حيث ان ابهام رجل الطفلة كان محشوراً في الحذاء بطريقة مستعرضة..
مما سبب انقطاع الدم عن ذلك الابهام حتى تحول لونه للون الازرق القاتم..
بدأت بعد هذا الموقف افكر في هذه المقولة "دعه يبكي حتى يسكت" لماذا نحن غالباً لا نأخذ بكاء الطفل مأخذ جد خصوصاً إذا كانت هي اللغة التي يعبر بها عن آلامه أو أحزانه أو حتى مشاعره..
لماذا نأخذ من بكاء الطفل موقفاً للتحدي والعناد؟
لماذا لا نحاول معرفة مصدر آلامهم وأحزانه وسبب بكائه؟ خاصة إذا كان الطفل ليس من الاطفال الذين يأخذون من بكائهم سلاحاً ينال به كل مايريد أو أن دلاله ودلعه هو الدافع وراء بكائه.. أو أنه في موقف لايحتمل مفهوم بكائه إلا معنى واحداً..
فبكاء الطفل له معنى يحاول الطفل اخبارنا به اتمنى من كل ام ان تحاول معرفة المعنى وتفهم مضمون رسالته. فالبكاء إذا كان هو المفتاح واللغة الوحيدة التي يطلب بها حقوقه ولم يأخذها، فيجعله مسلماً بسلب حقوقه والاعتداء عليها.
مما يجعله طفلاً غير مبالٍ فيما يؤخذ منه أو يأخذه، ضعيفاً ومسلوب الإرادة غير مبالٍ بالعالم من حوله قليل الثقة بنفسه، وبمن حوله مما يجعل عنده عدم أمان أو استقرار نفسي وعاطفي..
فينشئأ الطفل معتزلا لا اجتماعياً أو قد يكون طفلا مكتئباً أو شخصية من الشخصيات السهلة المنال. فيصبح ضحية لبعض النفوس المريضة..
لأن بداية غالبية شخصية تلك الشخصيات التي يعتدى عليها هي شخصية مسلوبة الحقوق حتى من أقرب الأقربين وفي أقل المتطلبات...