ترى الأم تصرخ في وجه ابنتها ووجهها محمر وعروقها نافرة ومنتفخة وأتخيلها وكأن الدخان يتطاير من أذنيها لا تسمع أحداً حتى نفسها من صراخها وتقول لابنتها لا تصرخي في وجهي ... لا ترفعي صوتك علي ... ولا حتى في أي مكان ..
ولكن لو رأت تلك الأم صورتها في المرآه وهي بذاك الموقف وسمعت صوتها المدوي في عمارة الجيران وهي تنصح ابنتها بخفض صوتها لتوقفت على الفور ... ولخجلت من نفسها وعرفت لماذا تصرخ ابنتها في وجهها
..
الأب يراقب ابنه المراهق ... ويشك على الدوام في تصرفاته المريبة .. ويتشمم ملابسه بين الحين والآخر علها تحمل له خبر (تدخين ولده بالخفية ).. ويفتش دروجه عله يمسكه بالجرم المشهود بعلبة سجائر وإن كان قد تطور ابنه من شراء سيجارة سيجارة ( يعني نفل ) إلى باكيت مرة وحدة .. (وصار ابنه زلمة بيحمل باكيت دخان ) ويهدده بأنه إن كان كذلك سيسحقه سحق النملة ..
ولكن الغريب أنه ينسى نفسه وهو غارق في ضباب الأرجيلة في غرفة الجلوس بل وينسى أيضاً أنه يطلب من ابنه واجباً يومياً ( بتحضير رأس أرجيلة مزبووووط ) له ..
كيف لعقل ذاك المراهق الذي يتعامل مع أشياء ملموسة ولا يصدق إلا ما يرى كيف لعقله أن يستوعب تلك المتضادات واللامنطقيات التي يعيشها والده ؟؟!! بل ويجبرهم على الإنقياد لها بدون جدال ؟؟!! أم أنه
(( يحق للسطلة ما لا يحق لغيرها ؟؟!!))
ربما نشيد (( بابا تلفون )) لم يؤلفها شخص لمجرد التسويق والإنتاج .. ولم تأتي فكرتها من فراغ ... بل هو واقع يعيشه الكثير الكثير ..
فهذا المشهد أول كورس بسيط لتعلم مهارة الكذب يتلقاه الأطفال من آبائهم .. وقس عليه كثير من المواقف التي يظنها الآباء أنها بسيطة عابرة ولكنها تنقش في مخيلتهم كالنقش على الحجر ..