ولا أعتقد أن أحدا من الآباء سيقول نعم : أنا الذي كنت السبب في تعاسة ابني!
لأنني لم أهتم به بل كنت أنانيا لا أهتم إلا بنفسي وإشباع رغباتي الخاصة من زواج وسفر وسهر في استراحات وغيرها
وكما يعتقد مختص في الدراسات النفسية والاجتماعية أن سلوك الآباء متوارث جيل عن جيل فما ربانا عليه آباؤنا صرنا نطبقه على أبنائنا.
طبعا أنا لا أستطيع أن أعمم هذه الفكرة فهي موضع حوار ونقاش ،
ولكني أشاهد مجموعة من الآباء لا يخرجون عما سنه لهم آباؤهم وأجدادهم من أساليب تربوية عقيمة لكني أسأل نفسي أين دور العلم والثقافة ؟
ألم تؤثر في شخصياتنا وتجعلنا نغير من سلوكياتنا إلى الأفضل وننبذ العادات البالية والأساليب العقيمة التي توارثناها عن الآباء والأجداد ،
لغة العصر الحديث توجب علينا أن نتغير ولكن نتغير إلى الأفضل لا إلى الأسوأ ،
إن تغيرنا إلى الأفضل سينعكس إيجابا على تربيتنا لأبنائنا0 عندما نتتبع الأساليب التربوية عند الآباء نجد أنها لا تخرج عن ثلاثة أساليب ،
أسلوبان منها سيئان وأسلوب واحد هو الأفضل
فالأسلوب الأول هو الدكتاتوري التسلطي الذي يمسح شخصية الابن ويحطمها ويخلق هذا الأسلوب من الأبناء شخصيات مهزوزة جبانة انطوائية إذعانية مسلوبة الحقوق
لا رأي لها ولا حلم أو أن تكون شخصيات الأبناء التي ربيت على هذا الأسلوب شخصيات عدوانية تسلطية تستولي على
حقوقها بالقوة وينعدم لديها الضمير والرحمة ومشاعر العطف والحنان لأن فاقد الشيء لا يعطيه ،
أما النوع الثاني فهو أسلوب النبذ والإهمال واللا مبالاة، ونتاج هذا الأسلوب أبناء فوضويون تنعدم لديهم القيم والأخلاق الحميدة فيتربون على الكسل والإهمال واللامبالاة ،
أما الأسلوب الثالث والأخير فهو الأسلوب الديمقراطي ألتشاوري ،
هذا الأب هو الدرع الواقي لجميع أفراد الأسرة فهو الذي يحميهم من الانحراف ومن الأمراض النفسية الفتاكة ، فهو بحق المرشد النفسي لأسرته.
إن المؤشر الحقيقي لحماية الأبناء من الانحراف ومن الأمراض النفسية
هو:العلاقة الحميمة القوية بين الأم والأب ،وإن الخلل الذي يعتور هذه العلاقة سيؤدي حتما إلى شقاء الأولاد والبنات والنزاعات التي تقوم بين الزوج والزوجة يتجرع علقمها الأبناء والبنات ،
إن التوتر والشقاء والقلق والاكتئاب الذي يصاب به الأبناء والبنات مصدره سوء الوضع الأسري غير المريح ،
فالطفل يفكر ويحس ويتألم لسوء العلاقة التي بين والدته ووالده ،
لأن سؤ هذه العلاقة معناه تهديد لمستقبله وتدمير لحياته الهادئة الجميلة التي تنغصها المشادات الكلامية والفراغ العاطفي بين الأبوين وجو الأسرة الصاخب الكئيب.
المشكلة الحقيقية أنه إذا أفلت منا أبناؤنا وتمردوا علينا وجعلنا ما بيننا وبينهم سدودا وحدودا، فكأننا نرمي يهم عن غير
قصد منا إلى بركان الحياة الصاخب فيتلقفهم غيرنا ويربونهم كما يريدون لا كما نريد نحن ،
كم من أب يكره أن يرى ابنه يصادق فلانا من الناس ولكنه لم يسأل نفسه لماذا خرج ابنه عن طوعه وصادق هذه النوعية من الناس التي يرفضها والده
أليس بعده عن ابنه والحواجز التي وضعها هذا الأب بينه وبين ابنه هي السبب ؟
أنا أعتقد أن بعض الآباء يعيشون في مشاكل وعد م انضباط داخل أسرهم فلا يرى منهم أبناؤهم إلا السوء وانعدام القدوة الصالحة ففاقد الشيء لا يعطيه،
فإذا كان الأب يدخل باستمرار إلى أسرته مخمورا أو يتعاطى أشياء محذوره
فكيف بهذا الأب أن يصنع رجالا يعتمد عليهم ويشقون طريقهم في الحياة بكل ثقة واقتدار ،إذا كان الأب يقول ولا يفعل
فكيف ينشأ أطفاله على الصدق والأمانة ،
إذا كان ا لأب لا يصدق في كلامه فكيف يكون أبناؤه صادقين ،الحقيقة الولد أو البنت في الأسرة المضطربة بين نارين أحلاهما مر .
الأمر الأول جو الأسرة الصاخب الذي لا يشجع الولد أو البنت على الراحة النفسية التي يتطلبها النمو السليم ،
الأمر الثاني : المجتمع الذي سيكون ملاذا لشاب أو الشابة من بؤس الأسرة ومتاعبها مجتمع يحمل في طياته جميع أنواع الإغراء والفساد
على الرغم من أن هناك جهات إصلاح ومحافظة على أخلاقيات أبناء الوطن أو ما يسميهم البعض(حراس الفضيلة ) إلا
أن جميع المغريات موجودة ، فإذا خرج شاب من منزل لم يتلق فيه التربية والتنشئة الصحيحة وقع في الوحل وقل عليه السلام ، والله الهادي إلى سواء السبيل.