لقد أوصى الله تعالى الأبناء ببر الوالدين في مواضيع كثيرة ولم يوص الأباء بحسن تربية الأبناء بنفس الدرجة وذلك بإعتبار أن الآباء يحبون أبناءهم بالفطرة حبا ً شديدا ً ويندفعون بالغريزة نحو إحسان تربيتهم والأهتمام بهم ورعايتهم ، أما وقد تغيرت النفوس وتبدلت القلوب وطغت المادة وجهل الناس كثيرا ً من أمور دينهم فأصبح واجبا ً على كل أب أن يعرف حقوق إبنه عليه التي قررها الشرع الكريم .
نحن نجد اليوم الشكوى تتكرر من عقوق الأبناء للأباء وقد يرجع السبب الأساسي في هذا إلى الأباء حيث أنهم لم يحسنوا تربية أبناءهم ولم يعلموهم شيئا من كتاب الله تعالى ولم يؤدوا حقوقهم عليهم . فيجب على الآباء أثناء تربية أبناءهم أن لاينسوا التربية على الرجولة والشجاعة فكثير من الآباء يعتبرون أن الطفل ليس له شخصية وليس له رأي ومن ثم يتعامل معه على هذا الأساس فلا ياخذ رأيه في شيئ ولا يشاوره في أمر فينموا الطفل بغير قوة في الشخصية أو اعتمادا ً على النفس أو ثقة في الرأي والحقيقة أن الطفل ومنذ سن مبكرة جدا ً يكون لديه شخصية ورأي في أشياء كثيرة بل وربما يستنبط أشياء يعجز عنها الكبار .
فهناك فرق بين التربية على الرجولة والشجاعة وبين سوء الأدب مع الكبير أو عدم إحترامه فالشجاعة تفنى عدم الرهبة أو الخوف من الحق أو من الصدق فالشجاع يقول الحق لايخشى أحدا الا الله . فكما يجب أن نربي أبناءنا على الشجاعة الأدبية ينبغي أن نربيهم على الشجاعة القتالية وحب الشهادة في سبيل الله . فنحن لانكون مبالغين إذا قلنا أننا نساعد في التقليل من شأن أبناءنا وعدم إعطاءهم الفرصه حتى يكونوا رجالا ً بحق، فيجب أن نمنحهم ثقتنا ولا نقلل من شأنهم ونحترم أرائهم ونشكرهم معنا في بعض الأمور ونشعرهم بأنهم أصبحوا رجالا ً يعتمد عليهم ونحثهم في التربية على إحترام الكبير وإحترام المعلم ،فإحترام الكبير قيمة عليا من قيم المجتمع المسلم والذي لايعرف إحترام الكبير لايعرف الأسلام فإحترام الكبيرعموما ً واجب واحترام الوالدين أوجب أعظم . فيجب على الأب أن يعلم ذلك لأبنه ،وأن يعلمه بر الوالدين ويوضح له أنها من أعظم الواجبات ، وليضرب له المثل بالقصص الدينية التي تحثه على البر ولاينسى ذكر رسولنا الكريم فهو لنا أسوة حسنة . فبر الوالدين يفرج كرب الأنسان وينقذه من المهالك فالأب يجب أن يربي أبناءه على المعاني والقيم ويشرح لهم أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وقصص بر الوالدين مع ذكر فضلهماعلى الأنسان حتى لاتتكرر المآسي التي نراها اليوم ونشهدها من رجل يسب والديه وآخر يضربهما وثالث يفضل زوجته على أمه .
وأيضا من أهم القيم التي يجب تربية الأبناء عليها أيضا هي إحترام المعلم فالمعلم بمنزلة الوالد بل أن المعلمين ورثه الأنبياء . ولقد كان مجتمع الصحابة – رضوان الله عليهم – يدرك هذه القيمة ، قيمة إحترام العلم وصاحبه وتبجيل المعلم . فالمجتمع الذي تنتشر فيه إهدار لقيمة المعلم تنتشر فيه أيضا إهدار لقيمة العلم وإهدار قيمة إحترام الكبير فينهار المجتمع الذي تهدر فيه هذه القيم . ولاشك أن كلا منا يريد أن يصبح إبنه طبيبا أو مهندسا أو أن يحتل أحد المناصب الرفيعة في الدولة .
أن لكل شاب ولكل فتى ميولا ً ورغبات وإستعدادات فطرية تختلف عن الآخر ولدى أصحاب علم النفس مايسمى بمبدأ الفروق الفردية ،فالمهم أن توجه الأبن التوجيه الصحيح كما يناسب ميوله ورغباته ولمايناسب قدراته . ومن هنا كان واجب على المربي أو المعلم أو الوالد أن ينظر كل منهم في أمر الصبي وفي عقله ويقيم قدراته تقييما ً صحيحا ً حتى يحدد له المجال الذي يناسبه أو يساعده في تحديده وإختياره .
فالخلاصة أن لكل ما ميول ورغبات وصفات تختلف عن غيره فالنفهم ذلك جيدا ً ولنقدر كل واحد من الأبناء قدره ولنحاول أن نضعه في موضعه الصحيح فيما يناسب قدراته وإمكاناته ولا نننسى أن الأب الناجح هو الأب الذي يمنح الطفل ثقته ويشجعة على الأقدام على العمل بدون خوف أو خجل فالثقة تولد الثقة ولكي ينمو الطفل بطريقة طبيعية ويتخطى العقبات التي من الممكن أن تقابله في الحياه العملية. فلابد أن نقف معه ونمنحه ثقتنا وحبنا ولا نحاول تحجيمه والجامه بحجة الخوف عليه من الفشل .
فلقد جرفت المادة الطاغية اليوم بتياراتها العارمة كثيرا ً من ( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 )( 2012 )ات والمثل والقيم التي كان يتمسك بها المجتمع حتى وصل الأمر الى لبنة المجتمع والأسرة ، ففترت فيها العلاقات بين الأفراد الذين تربطهم أقوى الصلات وأمتن الروابط ، وأصبح كثيرا ً من الآباء لايرون أبناءهم الا وهم نيام ، فلقد انحصر دور أكثر الآباء في الحصول على الغذاء والكساء والدواء لأولادهم وتوفير مصاريف التعليم ونحو ذلك لهم ، ولا يدرون أن عليهم واجبا ً عظيما ً نحو تعليم أبنائهم أمور الدين وتربيتهم على الخلق الكريم ومراقبة سلوكهم وتوجيههم التوجيه السليم نحو الحق . فإنه إن كان واجب على الآباء توفير الحياة الكريمة لأبنائهم ،فواجب أيضا عليهم تربيتهم على الخلق الفاضل ومراقبة سلوكياتهم : حتى لاينحرفوا ،فيضيع التعب هباءا ً ويصبح كد الوالد كأنه لم يكن ، وأن أفضل شيئ يمكن أن يمنحه الوالد لولده هو الأدب الحسن ،فهو سبيله الى النجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة .
كما ان تخصيص وقت للجلوس مع الأولاد يوميا يساعد على استقرارهم العاطفي . فلن ينجح الأب في تربية إبنه تربية جيدة على الخلق والعلم إلا إذا كان الأب نفسه قدوة لإبنه في الخلق والعلم، قدوة في الدين ، قدوة في كل مايريد أن يعلمه له . فليس من المعقول مثلا ً : أن ينصح الأب إبنه بعدم الكذب ثم يراه الأبن يكذب أمام عينيه ولأهمية عنصر القدوة في حياة البشر ولكون الأنسان بطبيعته يحتاج لمن يراه على المبدأ حتى يسير خلقه ويصدق به ، ومن أجل ذلك بعث الله الرسل للناس ليكونوا لهم قدوات صالحة تحتذى فيرون الأقوال أفعالا ويرون الأخلاق تمشي على الأرض .
فالفعل أبلغ من الكلام وقديما قيل " فعل رجل في ألف رجل خير من قول ألف رجل لرجل " فالقدوة والعمل أهم من القول المجرد . والقدوة الصالحة من أعظم المعينات على تكوين العادات الطيبة .
فالطفل يحب المحاكاه من تلقاء نفسه ، لذلك يجب أن يعلم كل أب أن عامل القدوة أكبر العوامل المؤثرة في التربية وفي تربية الطفل خصوصا ً لأنه يتعلم في البداية بالمحاكاة والتقليد ، وأي فعل يفعله الأب يخالف قوله لأبنه فسيمحوا الفعل القول ويثبت الفعل . مثال : نصيحة الأب لأبنه بعدم التدخين في حين أن الأب يدخن فعلى الأب أن يكون قدوة في العقيدة أولا ، فلاياتي أي أمر من أمور الشرك ولا يتوكل إلا على الله ولا يعتقد النفع والضر إلا من الله . ثم على الوالد أن يكون قدوة صالحة لأولاده في العبادة فيحافظ على الصلاة والصيام والزكاه والدعاء وتلاوة القرآن والأذكار والأدعية المأثورة عن الحاجات المختلفة ويبتعد عن المحرمات ويتجنب الشبهات . وأيضا ً على الوالد أن يكون قدوة لولده في الأخلاق فلايكذب ولايغش ولايسرق ولايتجسس على احد ولا يغتاب احدا ً ولايظلم احدا ً ، وليعلم الوالدان الخلق الذي يتعوده الولد في الصغر سيظل معه طيلة حياته ولن يستطيع التغلب عليه بسهولة فليراع تعويده على الفضائل وعلى الوالد أن يكون قدوة لولده في المعاملات فلايتعامل بالربا ولا بالقمار ولابغيره مماحرم الله تعالى ويجب أن يكون هذا شأن كل مربي سواء أب أو أم أو معلم أو غيرهم .
فالأب الصحيح هو الأب العطوف الرحيم بأبناءه ، فلايظن أحد أن اللعب مع الأطفال وملاطفتهم والمزاح معهم ينقص من قدره . فقد كان من رحمة الرسول عليه الصلاة والسلام بالأطفال هوة التجوز في الصلاة وعدم الأطاله عند سماع بكائهم .
فهل تعلم أن الحب من أقوى الوسائل المؤثرة في تعليم الأبناء ،فالطفل يتعلم شعوريا أو لاشعوريا معظم القيم الخلقية من أولائك الذين يعجب بهم ويحبهم . وإن كنا نحتاج الى الرفق في المعاملة مع الآخرين فأولى الناس بالرفق هم الأهل والأولاد .
فليس معنى عطف الوالد وحبه لولده ورحمته عليه أن يتهاون معه في التربيه أو ان يدللة دلالا ً زائدا ً عن الحد ويتجنب توبيخه عن الخطأ أو ضربه عندما يستحق ذلك لأنه لايوجد أسوأ من الدلع
فالطفل الذي طلباته كلها مجابه ولايعترض عليه أحد وينفذ مايريد ، هو طفل فاشل إن لم يتدارك الوالدان تقويمه . كما أن من أهم الصفات التي يحتاجها الأب هي صفة الصبر ، وذلك لأن التعامل مع الأبناء يحتاج إلى الصبر الجميل، وخصوصا ً الأطفال ،لأنه لهم حماقات كثيرة قد يطيش لفعلها عقل الآباء فيفعلون مايندمون عليه.
فعلى الوالد أن يتعامل مع الأبناء بتأن وروية وعدم تسرع في الأمر فالحكم صفة لازمة للصبر . والصبر صفة تكتسب بالمجاهدة النفسية فمن كان ذا حدة وتسرع فإن عليه أن يتصبر شيئا ً فشيئا ً ويمسك نفسه عن الغضب فالقوة النفسية أهم من القوة البدنية . ولايجب أن ننسي أن تربية الأب المثقف لأبنائة تختلف إختلافا ً كبيرا ً عن الأب العادي الذي لم يكن حظة من الثقافة الا قليل فالعلم الشرعي اساسا ً مطلوب وبعضه واجب فمن الواجب أن يتعلم الفرائض وماشرعه الله لعباده المؤمنين ليتقربوا به اليه ويعلمه أبناءه وليكن لديه ثقافة دينية ببعض العلوم الشرعية حتى يكون قادرا ً على الرد على مايثور في ذهن إبنه حول ذلك .
فالبعض يظن أن الطفل عبارة عن رجل صغير فيتعامل معه على هذا الأساس ولا يدري أن هذا الطفل له شخصيته المستقله وفهمه المختلف عن الكبار لطبيعة الحياه .. فمن ثم كان من الواجب على كل أب وكل أم وكل من يتعامل مع الطفل أن يقرأعن صيغة تلك المرحلة ليعرف كيف يتعامل مع الطفل بطريقة صحيحة