أخبرالله عن أوليائه الصادقين، وعباده الصالحين، بأنه يحبهم ويحبونه، وهو خبر تهش له نفس المؤمن، ويشتاق إليه قلب الولي، والعجيب قول: يحبهم فهو الذي خلقهم ورزقهم وأطعمهم وسقاهم وكفاهم وآواهم ثم أحبهم، وهو الذي رباهم وهداهم وعلمهم وألهمهم وأرشدهم ثم أحبهم، وهو الذي أنزل عليهم الكتاب، وأرسل إليهم الرسل، وبين لهم المحجة، وأوضح لهم الحجة، ثم أحبهم، فيا له من فضل عظيم، ومن عطاء جسيم. أما قوله عنهم: ((وَيُحِبُّونَهُ)) فهذا عجيب أيضاً، فكيف لا يحبونه وقد أوجدهم من العدم، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف وكساهم من عري؟ كيف لا يحبونه وهو الذي وهب لهم الأسماع والأبصار، وحماهم من الأخطار، وحفظهم في سائر الأقطار؟ وكيف لا يحبونه وهو الذي وهب الأموال والأولاد، وأغدق عليهم الأرزاق، وساق إليهم كل ما يطلبونه ومنحهم، كل ما يسألونه وأمنهم من كل ما يخافونه؟ الموضوع الأصلى من هنا: منتديات عالم المرأة http://www.movieszoom.net/f59-montadat213469.html#post2640716 كيف لا يحبونه وقد سخر لهم ما في البر والبحر، أرسل لهم السماء بالماء، وشق لهم الأرض بالنبات، وجعل الأرض لهم فراشاً وذلولاً ومهاداً، والسماء بناءً، ورزقهم من الطيبات، وأصناف الثمرات، ومختلف المطعومات، وسائر المشروبات؟ كيف لا يحبونه وهو الذي أنزل عليهم القرآن، وعلمهم البيان، وهداهم إلى الإيمان، وحذرهم من كيد الشيطان. وما أجمل المقابلة بين قوله: ((يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)) فهو حب بحب أزكى من حب الرب، فليت من له مقام في دنيا المحبين أن يتذوق هذه اللفظة المشرقة، وأن ينقلها رسالة قوية لعشاق الفن محبي العيون السود، والخدود والقدودة؛ ليعلموا أن حبهم منقوص هابط، وحياتهم ذاوية ذابلة، وقلوبهم خاوية خربة، ونفوسهم ظالمة ظامئة، وبصائرهم كسيفة كليلة، أما حب أولياء الله فهو الحب الصادق الصائب الطيب الطاهر الزكي النافع. والله، إن من أجل مطالب القلب السوي وصوله إلى رتبة: ((يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)). وإن من أعظم العطايا وأشرف المواهب لهي عطية وموهبة: يحبه ويحبونه، كل حب غير حب الله مقطوع، وكل عمل غير عمل الله ضائع، كل السعي لغير مرضاته باطل، كل تعب في غير مرضاته عناء: