[size=21]بسم الله الرحمن الرحيم [/size] الحمدلله حمداً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى [size=25],[/size] والصلاة والسلام على خير البشر عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
- يقول البارئ جل شأنه: " وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً " [ الكهف:46 ] إن الأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد في رحلته للدار الآخرة على ضربين لا ثالث لهما: * أعمال صالحة في حق الله عزوجل كالصيام والصلاة والذكر والدعاء وغيرهم , * وأعمال صالحة في حق العباد كالابتسامة والتقدير والاحترام والإحسان للخلق ومساعدتهم وكلا الضربين يُراد بها الله عزوجل والدار الآخرة . والباقيات الصالحات وصفها الرب تبارك وتعالى بمسمى " وَخَيْرٌ أَمَلاً " أي خير أمل وأفضل أمل يأمله الإنسان من جميع الآمال التي تداعب عقله وتفكيره في هذه الدنيا التي لا تعدل عند الله مقدار جناح بعوضة تلك هي حجم الدنيا عند الله قال عليه الصلاة والسلام " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ " الترمذي وابن ماجه فيا ترى ما حجمها في قلوبنا وكيف يجب أن تكون !
..
- إن طموحات الإنسان وآماله كثيرة لا تحصى لكن العاقل الفطن الذي يعلم حقيقة هذه الدنيا وأنها محطة تزود لا محطة مكوث يجمع آماله حول ما يبقى لا حول ما يزول ويجعل آماله حول ما هو باق لا حول ما هو ذاهب لا محالة , ويجعل من تلك الآمال خط قوي متين يربطه بين قلبه وبين الآخرة "وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ" أي أجعل حياتك تدور حول محور واحد فقط آلا وهو الباقيات الصالحات وهو الأصل الذي ينبغي للجميع التمسك به والتعلق بحماه وتلك الباقيات الصالحات هي الأعمال الصالحة وعلى رأسها أي رأس الباقيات الصالحات هي ذكر الله عزوجل ففي حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلاً قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال صلى الله عليه وسلم : "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله" رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد إن ذكر الله عزوجل يُرسل للقلب دروساً قيمة لا غنى عنها لأي إنسان يشهد بشهادة أن لا اله إلا الله وان محمد عبده ورسوله أولها أن العبادات جميعها لم تشرع إلا لذكر الله عزوجل {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}
..
- وثانياً أن الإنسان كما جعل قبلته في الصلاة الكعبة المشرفة فليجعل قبلة قلبه الله عزوجل , فأنتم أو أنا فرد مفرد أي شخص واحد في الأرض فعليك أن تتجه بقلبك وكل جوارحك لواحد فقط في السماء وهو الله جل في علاه وإياك الالتفات لليمين أو اليسار واجعل كنزك وثروتك في السماء لا في الأرض, فالأرض مكتظة بسكانها والسماء واسعة رحبة لا زحام فيها . والمقصود أن الذكر يخبر قلبك أنه لا آمال ترجوها في هذه الحياة الدنيا إلا رضا الله عزوجل وحاجاتك ومطالبك وأمورك لا تصمد بها إلا لله العزيز الكريم كما قال جل في علاه "قل هو الله احد * الله الصمد " فأنت في مكانك على هذه الأرض الزائلة يكون همك وغايتك وآمالك التي تركض حولها تدور حول "رضا الله عزوجل " ولا تفزع في حاجاتك ومشاكلك وهمومك إلا لله عزوجل فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر فزع للصلاة, فإذا آمالك رضا الله عزوجل ولا تصمد إلا لله عزوجل وتلك لا يمكن أن نصل أليها حتى يبقى القلب لا اللسان ذاكرا لله معلقاً بالله مرتبط ارتباطاً وثيقاً به قلباً وقالباً ,
..
- ولا يمكن أن يكون القلب ذاكراً لله إلا بعد التعرف على الله وعلى أسمائه وصفاته فكلما زادت المعرفة بالله كلما زاد القلب تعلقاً بالله عزوجل فعلى سبيل المثال قال الله عزوجل " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا " أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قولي ولا ردا للجميل , لان لهم آمال أغلى وأعظم ( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا) فسعيهم هنا الآخرة فاستجاب الله لهم (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ ) وَلَقَّاهُمْ أي: أكرمهم وأعطاهم ( نَضْرَةً ) في وجوههم (وَسُرُورًا) في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، جَنَّةً جامعة لكل نعيم " السعدي "
..
- ومثال آخر كثير ما نسمع من البشر أن هناك من يحسن للغير ويحسن معاملتهم ومع ذلك يجد لا خير فيهم ولا ردا للجميل ولا مقابلة الإحسان بالإحسان فيتذمر ويترك هذا الإحسان بسبب سوء ما يجد من البشر ويعلل فعلته بأنه مهما فعل بهم لا فائدة وذلك ينافي ما نسعى إليه من تعلق القلب بالله وذلك أيضاً جهل بالله عزوجل فالله عزوجل يقول في القران " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " .. قال الشيخ السعدي رحمه الله : وهذا يشمل جميع أنواع الإحسان، لأنه لم يقيده بشيء دون شيء .
..
- فنحن نحسن لأن الله يحب المحسنين ولاني ارغب أن أكون من زمرة من يحبهم الله عزوجل لان الله يحب المحسنين سواء وجدت مردود من البشر أم لا فانا آمالي ليست معلقة بهم بل معلقة بالله عزوجل وغاية أملي أن أكون ممن يحبهم الله عزوجل والغريب في معالم البشر انك تجد عند الفرد منهم معرفة كبيرة بالله عزوجل وشريعته مع ذلك تجد فجوة كبيرة بين علمه وعمله ولطالما كنت أتسائل ما سبب وجود تلك الفجوة رغم ما يتمتع به من علم حتى وجدت رداً على تلك التساؤلات بحضور محاضرة لإحدى الداعيات حيث كانت الإجابة : إن هناك قناة مكسورة بين معلوماتنا عن رب العزة والجلال وبين مشاعرنا بمعنى آخر أن تلك المعلومات لم تجد أثرها على جوارحنا بسبب حاجز الالتهاء بالدنيا ومباهجها وزينتها . ولذكر الله عزوجل فضائل لا تحصى ولا تعد منها الذكر في الملاء الأعلى وبها تنال محبة الله عزوجل وما أجملها من عطية , وبذكر الله تطمئن القلوب وبه تستدر الأرزاق وترفع البلايا وتفتح الأبواب وتزال الهموم وتكفر الذنوب .