تشكو بعض الزوجات من تغير طباع الأزواج بعد فترة قصيرة من الزواج، حيث تسقط الأقنعة التي كان الأزواج يرتدونها أمام زوجاتهم في الأشهر الأولى للزواج , وتصاب الزوجات بصدمة، ويشعرن أنهن كن في حلم واستيقظن منه, وكأنهن كن يعاشرن شخصيات أخرى غير أزواجهن، وأجمعت الزوجات على أن الشخصية لا تظهر على حقيقتها إلا بعد الزواج، مطالبات بحل سحري لمشاكلهن التي تبدأ عادة بعد شهر العسل.
تقول س (معلمة) إن زوجها أسرها بمظهره، وانخدعت بمؤهلاته الدراسية العالية، مضيفة أنه لم يمر على زواجها سوى بضعة أشهر، فلم تعد تحتمل تصرفات زوجها, وقالت إن زوجها أثناء ركوبهما في السيارة يخرج رأسه من نافذة السيارة ويبصق في الشارع، مما يجعلها تصاب بالحرج الشديد، كما أنه يأكل في غرفة النوم، ويشرب الشاي بصوت مزعج، ويطفئ سيجارته في كأس الشاي بعد أن ينتهي بالرغم من أن طفاية السجائر بجواره. ورأت بتول أن أكثر ما يزعجها في تصرفات زوجها عدم اعترافه بأن هناك ملابس للخروج أو العمل وأخرى للنوم, وقالت إن زوجها لم يكن بهذه الصفات قبل الزواج، فقد كان نظيفاً مثقفاً يعرف كيف يكتسب احترام الجميع، ويشهد له الجميع بحسن خلقه.
وتستعيد ندى (ربة منزل) بذاكرتها وتقول" كان زوجي قبل الزواج مثاليا ً وكريماً، يخاف أن يجرح إحساسي ولو بكلمة, وكان يسمعني دائما كلام الحب، وشعرت أنني سأكون أسعد الزوجات، ولكنه بعد الزواج أصبح مختلفاً، ولم يعد يعبأ بمشاعري، ويحاول أن يحطم ثقتي بنفسي". وتضيف ندى أن زوجها أصبح شخصية غريبة، يجلس طوال الليل في حالة صمت، ولا ينطق بكلمة إلا عندما يريد تلبية طلباته التي تبدلت من الهمس إلى الصراخ، ومن الرجاء إلى التسلط.
الأكل بطريقة غير حضارية وتستكمل عبير (طبيبة) حديث الزوجات قائلة إن ما يصيبها بالانزعاج هو أن ترى زوجها يقبل على الطعام بطريقة غير حضارية، وكأنه يرى الطعام لأول مرة في حياته، أو أنه في سباق، تقول "حيث نكون مدعوين عند الأهل تظل العيون تتابعه وهو يتنقل بين أصناف الطعام، وكأنه خرج لتوه من مجاعة" , مشيرة إلى أنها أصبحت تعتذر عن دعوات الأهل والأقارب منعا من الإحراج.
وتشكو هلا (ربة منزل) من فوضوية زوجها الذي يضع أغراضه في أي ركن من المنزل , وترى أن الأمر الذي يحرق أعصابها هو عندما يدخل زوجها إلى البيت بعد منتصف الليل، ليوقظها من نومها لمجرد السؤال أين وضعت الشيء الفلاني". وتقول الاختصاصية النفسية بمركز الشفا الطبي ربا حمودة إن هذا الأمر طبيعي في بداية العلاقة الزوجية، حيث يظهر كل طرف مثالياً أمام الآخر، ويتغاضى عن عيوب من أمامه أو يتجاهلها، وأوضحت أنه بمرور فترة من الوقت تتضاءل المثاليات، وتبدأ العيوب تتضح، وتمثل المشكلة بين الزوجين، وفي معظم الأحيان قد لا تكون عيوبا بالمعنى المفهوم، ولكنها أمور لا يستسيغها الطرف الآخر، ومن هنا تبدأ المنغصات، ولكن إذا بدأت هذه التصرفات، فإنها تمثل إزعاجا للطرف الآخر، وتشعره بالنفور وعدم الراحة، مشيرة إلى أنه يتوجب على الزوجين أن يتصارحا ويتحاورا حول كل ما يضايقهما ويثير إزعاجهما.
وطالبت ربا بالتمييز بين الحوار والشجار، تقول "هناك حوار أقرب إلى الشجار العنيف، والذي يؤدي إلى جروح عميقة في النفس، وهذا مرفوض، ولو عدنا إلى الماضي لوجدنا أن الزواج في زمن آبائنا وأجدادنا كان يتم من غير حب أو معرفة، ولكنهم يعيشون جنبا إلى جنب، فالزوجة تحتمل زوجها، وتعتبره كل شيء بحياتها، وهو يعتبر البيت مملكته، ويكون حاميها، وكان الزواج قدرا يرضى عنه الطرفان، ويعتبرونه قسمة ونصيب، ولذلك لم نكن نرى حالات الطلاق التي تتم الآن لأتفه الأسباب".
وعن مشكلة الزوج الفوضوي تقول الاختصاصية النفسية "الفوضى نوع من الطفولة، وهي كسر المتعارف عليه، وهروب من القواعد، والفوضى أنواع، فهناك فوضى الملابس المبعثرة، وفوضى المواعيد غير المنتظمة، وفوضى المشاعر المتضاربة، وهي خليط من الحب والكراهية والرفض والقبول، والذي يجعل الرجل يقترب من زوجته متى شاء، ويرفضها بلا أسباب، وهناك فوضى السلوك داخل البيت".
وقالت إن الفوضى سلوك واستعداد وتنشئة وظروف اجتماعية خاصة بالفرد نفسه، فأحيانا الزوجة لا تستطيع أن تتغاضى عن سلوكيات زوجها، والزوج أيضا غير قادر على تغيير نفسه، أو هو غير راغب في هذا، لأنه يتفق مع تكوينه النفسي والشخصي، وربما لأنه يرى أن هذه التصرفات التي تصدر عنه تصرفات طبيعية، وأن زوجته هي التي تفتعل المشكلات معه دون داع، مشيرة إلى أن عملية تغيير العادات المرسخة في النفس مثل أي عملية تجديد تحتاج إلى هدوء وصبر، لأن الانفعال والغضب لا يفيدان، وعلى كلا الطرفين تقبل الآخر بعيوبه وصفاته، فليس هناك على الأرض إنسان كامل. والسلام