( يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ، إن الله كان عليما حكيما * واتبع ما يوحى إليك من ربك ، إن الله كان بما تعملون خبيرا * وتوكل على الله ، وكفى بالله وكيلا )
ينادى الله تعالى رسوله ويقول :
يا أيها النبى من تقوى الله أن لاتسمع للكافرين ولا تستشيرهم فالله أحق باتباعه لأنه أعلم بكل الأمور باطنها وظاهرها وحكيم فى أقواله وأفعاله
عليك باتباع ما جاءك فى القرآن وأوحى إليك به من ربك فالله لا تخفى عليه خافية من أعمالكم
وتوكل على الله فى جميع أمورك ويكفيك الله وكيلا وحسيبا
الآيات 4 ، 5
( ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه ، وما جعل أزواجكم اللآئى تُظاهرون منهن أمهاتكم ، وما جعل أدعياءكم أبناءكم ، ذالكم قولكم بأفواهكم ، والله يقول الحق وهو يهدى السبيل * ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم ، وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ، وكان الله غفورا رحيما )
كما أن لا يمكن أن يكون للرجل قلبين فى جوف جسده
فإنه لا يمكن أن تصير الزوجة أما لزوجها حتى يقول لها أنت علىّ كظهر أمى كما علمنا فى سورة المجادلة آية 2 من قبل
وأيضا لا يمكن أن يصير الدعى للرجل الذى تبناه إبنا له
فهذا قول بأفواهكم فقط وليس من الحق فى شئ
فالله هو الذى يقضى بالعدل ويقول الحق ويهدى إلى الصراط المستقيم .
انسبوا الأبناء إلى آبائهم الحقيقية فهذا هو العدل عند الله
فإن لم تعلموا من يكون آباءهم فهم إخوانكم فى الدين ومواليكم
وذلك عوضا لهم عن ما فاتهم من النسب
ومن فعل ذلك من قبل أن تنزل آيات الله فلا حرج عليه فقد رفع الله عن الأمة الخطأ ولكن الإثم على من تعمد الباطل ومخالفة الشرع
وهى نزلت فى شأن زيد بن حارثة وسوف تشرح بالتفصيل فى الآية 40 من السورة
الآية 6
( النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجه أمهاتهم ، وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ، كان ذلك فى الكتاب مسطورا )
( النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) : يعلم الله حرص النبى على مصلحة المؤمنين وشفقته عليه ووصفه بأنه أولى بهم من أنفسهم
( وأزواجه أمهاتهم ) : وزوجات الرسول أمهات للمؤمنين توقيرا واحتراما وإكراما وتتلقى منهن الموعظة ولكن هذا فى القدر فلا تجوز الخلوة بهن
( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله ) : وكما أن ذوى الأرحام أولى ببعض فى حكم الله فإن ...
( من المؤمنين والمهاجرين ) : فالأقارب من المؤمنين المهاجرين والأنصار أولى ببعض فى التوارث بسبب ما كان بين المهاجرين والأنصار من مؤاخاة ورحمة حتى بدون النسب
( إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) : فإذا ذهب الميراث يبقى البر والصلة والإحسان والنصر والوصية بين المهاجرين والأنصار
( كان ذلك فى الكتاب مسطورا ) : هذا فى حكم الله مكتوبا فى اللوح المحفوظ ومقدر لا يبدل
الآيات 7 ، 8
( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ، وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسئل الصادقين عن صدقهم ، وأعد للكافرين عذابا أليما )
أخذ الله عهدا وميثاقا على الرسل والنبيين فى إقامة دين الله وإبلاغ رسالاته وخص بالأسماء من هم أولوا العزم وهم محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى
ثم يقول سبحانه أنه يسئل الذين يبلغون ويؤدون عن الرسل عن صدق الإتباع والتنفيذ والتبليغ
ويتوعد الكافرين بالعذاب الأليم
الآيات 9 ، 10
( يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ، وكان الله بما تعملون بصيرا * إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت البصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا )
يخبر الله عن فضله على المؤمنين فى غزوة الخندق عندما تقلب أعداءهم عليهم وكانوا أحزابا فى سنة خمسة للهجرة وقد كان نفرا من أشراف يهود بنى النضير كان قد أجلاهم الرسول عن المدينة إلى مكة ، فاجتمعوا مع أشراف قريش وألبوهم على المسلمين ووعدوهم أن يساعدوهم وينصرونهم على المسلمين وفعلوا كذلك مع سادات غطفان فاستجابوا لهم
وخرج الجميع فى عشرة آلاف
فأمر الرسول المسلمين بحفر خندق حول المدينة وباقتراح من سلمان الفارسى وكان عدد المسلمين ثلاثة آلاف
وجاء الأحزاب من الأعداء وكان من يهود بنو قريظة عهد مع المسلمين فنقضوا عهدهم ومالوا إلى الأحزاب
فخاف المسلمين وزلزلوا وظل بين الفريقين حصار لمدة شهر حتى بدأ أحد الفرسان يقتحم الخندق فقتله علىّ بن أبى طالب ثم أرسل الله على الأحزاب ريحا شديدة اقتلعت الخيام وأطفأت النيران ولم تقم لهم قائمة فرحلوا خاسرين خائبين
وفى الآية يقول سبحانه أنه أرسل ريحا وملائكة لم يراها المسلمون حتى كان النصر حليف المسلمين
فقد جاءكم الأحزاب من كل مكان حتى خفتم وضاقت نفوسكم وظننتم أنكم مهزومون وظن المنافقون أن محمدا وأتباعه ينتهون ولكن الله ينصر المؤمنين لما علم ما يعملون وما بنفوسهم وإخلاصهم لله
الآيات 11 ـ 13
( هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا * وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا * وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ، ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة ، إن يريدون إلا فرارا )
ويخبر الله عن حال المسلمون عندما نزل الأحزاب حول المدينة وكانوا محاصرين وفى ضيق وخوف وجهد إختبارا لهم وزلزلوا بشدة
فظهر النفاق حينئذ وتحدث الذين فى قلوبهم مرض وقالوا لقد وعدنا الرسول وما وعدنا بالحق وسوف يهزم وتنتهى كلمة الإسلام
يثرب : المدينة
وقوم آخرون قالوا يا أهل المدينة لا مقعد لكم هنا عند النبى فارجعوا إلى بيوتكم
وفريق استأذن النبى وقالوا اسمح لنا بالرجوع لأن بيوتنا نخاف عليها من السرقةوليس من دونها ما يحافظ عليها من العدو
وهى ليست كما يزعمون
ولكنهم يريدون الهرب من القتال والزحف
الآيات 14 ـ 17
( ولو دُخلت عليهم من أقطارها ثم سُئلوا الفتنة لأتوها وما لبثوا بها إلا يسيرا * ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار ، وكان عهد الله مسئولا * قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تُمتعون إلا قليلا * قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا )
هؤلاء الذين يدعون أن بيوتهم عورة ويخافون عليها فلو دخل الأعداء عليهم من كل جانب حول المدينة وكل قطر من أقطارها وطلبوا منهم الكفر لكفروا سريعا ولا يتمسكون بإيمانهم مع أول فتنة
لقد عاهدوا الله من قبل هذا الخوف أن لا يهربوا من قتال والله سيسألهم عن هذا العهد
فرارهم هذا لن يؤخر عنهم الموت أو القتل ولن يتمتعوا بعد فرارهم هذا إلا قليل
قل لهم يا محمد من الذى يمنعكم من الله لو أراد بكم السوء أو أراد لكم رحمة فليس لكم من الله مانع ولا عاصم ولا مجير
الآيات 18 ـ 19
( قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ، ولا يأتون البأس إلا قليلا * أشحة عليكم ، فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يُغشى عليه من الموت ، فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير ، أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم ، وكان ذلك على الله يسيرا )
هؤلاء المعوقين لغيرهم عن دخول الحرب للقتال الذين يقولون لأصحابهم وعشيرتهم تعالوا لما نحن فيه من خير بعيدا عن القتال فهم لا يلقون من الشدة إلا القليل
بخلاء عليكم بالمودة والرحمة إذا جاءهم الخوف تراهم كأنهم يموتون من شدة الخوف والجزع من القتال
وإذا كان الأمن تكلموا بفصاحة عالية ونسبوا لأنفسهم الشجاعة والنجدة واستقبلوكم ( سلقوكم ) بنفس شحيحة تطلب الغنائم وفى القتال هم أجبن من خلق الله
هؤلاء ليسوا بمؤمنين وأبطل الله عملهم وهذا سهلا هينا على الله .
الآية 20
( يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ، وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون فى الأعراب يسئلون عن أنبائكم ، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا )
ومن صفات جبنهم أنهم يظنون أن الأحزاب لم يذهبوا ، وأنهم قريبون منهم يهاجموهم فى أى لحظة
ولو أتى الأحزاب يودون أنهم لا يكونون حاضرين معكم فى المدينة ويكونون فى البادية يسألون عن أخباركم مع عدوكم
ولو كانوا معكم لم يقاتلوا معكم إلا قليلا لجبنهم وخوفهم
الآيات 21 ، 22
( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا * ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما )
أمر الله بالتأسى برسوله الكريم فى الأقوال والأفعال والأحوال وصبره فى يوم الأحزاب ومجاهدته وانتظاره الفرج من الله
وقال الله أن من يتأسى برسوله فهو مؤمن مصدق بوعود الله وله الجزاء والعاقبة يوم القيامة
المؤمنون قالوا عكس ما قاله الكافرون ، لقد قالوا هذا وعد الله ورسوله وما وعدنا إلا حقا من الأختبار الذى يعقبه النصر وجاهدوا حتى نصرهم الله
وهذه المحنة زادتهم إيمانا بالله ورسوله وانقادوا لطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم
الآيات 23 ، 24
( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا * ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم ، إن الله كان غفورا رحيما )
وكما أن المنافقين نقضوا عهدهم ، فإن المؤمنين استمروا على عهدهم مع الله ورسوله
ومنهم من انتهى أجله على عهده ففاز ومنهم من ينتظر نصر الله وعلى عهده معه
ولم يبدلوا هذا العهد حتى قتلوا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " طلحة ممن قضى نحبه "
نحبه : نذره
وسيجزى الله المؤمنين الجنة لصدقهم ، وللمنافقين العذاب الأليم ولو شاء الله فإنه يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله هو الغفور الرحيم لمن يرى أنه يستحق المغفرة
الآية 25
( ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا )
وهكذا أنزل الله على الكافرين الجنود من الملائكة وأرسل الريح ليهزم الكافرين والأحزاب وردهم خائبين بما يحملون من أوزار وآثام
وأعز المؤمنين وكفاهم القتال وأعادهم إلى بيوتهم بغير قتال
والله منع بعد ذلك المشركين من غزو المسلمين وإنما كان المسلمون هم الذين يغزونهم فى بلادهم .
والله بحوله وقوته رد الأحزاب والمنافقين خائبين .
الآيات 26 ، 27
( وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا * وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها وكان الله على كل شئ قديرا )
وكان يهود بنوا قريظة قد ناصروا الأحزاب وجعلوهم ينقضوا عهدهم مع المسلمين ، وبعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل وهو يغتسل فى بيت أم سلمة وقال له انهض إن الله أمرنى إلى بنوا قريظة أن أزلزل عليهم
فأمر الرسول الناس بالمسير إليهم وكانت على أميال من المدينة وذلك بعد صلاة الظهر وقال لهم " لا يصلين أحد منكم العصر إلا فى بنى قريظة " فادركتهم الصلاة فبعضهم صلى خوفا من دخول المغرب والبعض انتظر لتنفيذ أمر الرسول حتى وصلوا إليها وتبعهم الرسول وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة وجيئ بسعد بن معاذ ليحكم فيهم فقال " إنى أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذريتهم وأموالهم
فأمر رسول الله بحفر أخاديد فى الأرض وجئ بهم فيها مكتفين وضربت رقابهم وكانوا ثمانمائة وسبى الصغار مع النساء والأموال
وأنزل الله الآية
فقال أن من عاونوا المشركين من بنوا قريظة وهم أهل كتاب كان الله معينكم أيها المسلمون أن تنزلوهم من حصونهم ( صياصيهم ) وقذف فى قلوبهم الخوف كما فعلوا مع المسلمين وكان الجزاء من جنس العمل وجعل الله المسلمين يأسرون فريقا منهم ويقتلون فريقا آخر
وجعل لكم أرضهم وأموالهم
وأرض خيبر ومكة جعلها لكم
والله قادر على كل شئ لا يمانعه أحد .
الآيات 28 ، 29
( يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )
سألت زوجات الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم النفقة ورغد العيش
أمر من الله للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يخير زوجاته بين رغد العيش وزينة الدنيا وبين الله والجنة والصبر على ما عند رسوله من ضيق العيش
ومن تريد الدنيا على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يسرحها لتتزوج غيره ويعطيها متاعها
ويعد الله من تريد الله ورسوله بالجنة والجزاء العظيم فى الآخرة
فاخترن الله ورسوله.
الآيات 30 ـ 31
( يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ، وكان ذلك على الله يسيرا * ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما )
ويعظ الله نساء النبى اللاتى اخترن الله ورسوله والدار الآخرة بأن من تأت بفاحشة واضحة ( النشوز وسوء الخلق ) فإن ذنبها يكون عظيم مغلظا لمكانتهن الرفيعة فيضاعف لها العذاب صعفين فى الدنيا والآخرة
وهذا سهل على الله هينا .
وكذلك من تطع الله ورسوله ينعم الله عليها بالجنة وأجرها يضاعف فى أعلى الدرجات
وأعد لها الله منزلا كريما فى الجنة
الآيات 32 ـ 34
( يا نساء النبى لستن كأحد من النساء ، إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا * وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ، وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا * واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة ، إن الله كان لطيفا خبيرا )
يعلم الله نساء النبى صلى الله عليه وسلم وتبعا لهن نساء الأمة آداب عليهن اتباعها
فقال من التقوى لله أن لا تخضعن بلحن القول مع الرجال فيطمع فيكن من لا تقوى عنده
وإن تحدثتن فعليكن بالكلام الذى ليس فيه ميوعة ولا ترقيق فلا تتحدث بالكيفية التى تكلم بها زوجها
وعليكن بالقرار فى بيوتكن وعدم الخروج إلا لقضاء الحوائج وللصلاة ولو أن الصلاة فى بيوتكن أفضل
وإذا خرجتن فلا تتبرجن كما كانت تتبرج المرأة فى الجاهلية ( لأن فى الجاهلية كانت لهن مشية وتكسر وتغنج )
وللحجاب شروط ( فضفاض ، لا يشف ، يغطى الجسد كله ، غير مزين بزينة ـ وليس زينة فى ذاته ، ولا يشبه لباس الكافرات ، غير معطر ، ليس فيه خيلاء ، ولا يميز شخصية مرتديه )
قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان "
وقال " صلاة المرأة فى مخدعها أفضل من صلاتها فى بيتها ، وصلاتها فى بيتها أفضل من صلاتها فى حجرتها "
ثم يأمر سبحانه زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة والزكاة والإحسان لأن الله يريد أن يطهر زوجات الرسول وأهل بيته ويطهر المسلمات والله بلطفه يعلم نفوسكن وخبير بما ينفعكن لتتلون القرآن وتعلمن نساء المسلمات وتكن قدوة لهن فيقمن بما تفعلن
ما هو تبرج الجاهلية الأولى ؟
قال بن كثير فيه
هى الفترة بين نوح وادريس وكانت ألف سنة واختلف العلماء فى تحديد الفترة
كان بطنين من ولد آدم أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل
أهل السهل كانت النساء جميلات والرجال دميمة
وأهل الجبل كانت الرجال جميلة والنساء دميمة
أتى إبليس بغلام دميم من أهل السهل وكان يخدمه وأتى إبليس بمزمار وزمر به بأجمل ما يسمع فاجتمع الناس له واتخذوا عيدا يجتمع النساء والرجال كل سنة وتتبرج النساء للرجال وتتزين لهن الرجال
نزل لهم رجلا من أهل الجبل وهجم عليهم فى عيدهم فرأى النساء الجميلات فأتى بأصحابه ونزلوا إليهم وظهرت الفاحشة بينهن
وهذا قول الله ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
ومضمونه هو اختلاط المرأة بالرجل وبطريقة سافرة
الآية 35
( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )
قالت أم سلمة للنبى صلى الله عليه وسلم : مالنا لا نذكر فى القرآن كما يُذكر الرجال ؟
فسمعت الرسول وهو على المنبر يقول : " يا أيها الناس إن الله تعالى يقول : ( إن المسلمين والمسلمات ....... ) إلى آخر الآية .
الإسلام : آداء الفرائض الخمسة وهى الصلاة والصوم والزكاة والحج والشهادتين
الإيمان : هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر واليوم الآخر
القنوت : الطاعة فى سكون
الصدق : الصدق فى الأقوال والأفعال وهو علامة الإيمان والكذب علامة النفاق
الصبر : على المصائب والإبتلاءات والصبر على الطاعات وعلى العلم
والثبات عند الصدمة الأولى
الخشوع : السكون والطمأنينة والهدوء والتواضع والخوف من الله
المتصدقين : الإحسان إلى الناس بالمال والمساعدة بالجهد والعون
الصوم : الإخلاص مع الله فى الصوم وتدريب النفس على كسر الشهوات
الحافظين فروجهم والحافظات : عن المحارم والمآثم
الذكر : ذكر الله باللسان والقلب والجوارح
1 ـ باللسان : وهو بالتحميد والتكبير والتسبيح والتمجيد
2 ـ بالقلب : وذلك بالتفكير فى آيات الله وصفاته وأسرار المخلوقات
3 ـ بالجوارح : وهو الطاعات والبعد عن المنهيات
أعد الله لمن تحلى بهذه الصفات من ذكر أو أنثى المغفرة لذنوبهم والجنة وحسن الثواب
الآية 36
( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )
ليس من حق مؤمن ولا مؤمنة أن يختاروا بين طاعة الله ومعصيته فى أى أمر يخص حياتهم وفى جميع الأمور
ومن يعصى الله ويعصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ضل طريق الهداية وله عذاب عظيم
وقيل أن سبب نزول الآية كان لأن زينب بنت جحش حين خطبها رسول الله بعد تطليقها من زيد بن حارثة امتنعت ثم وافقت
وكان ذلك لتشريع إباحة الزواج من مطلقات الموالى بعد تحريم التبنى
الآية 37
( وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ، فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهم وطرا ، وكان أمر الله مفعولا )
يجب هنا التعرف على نقاط مهمة
من زيد بن حارثة وما علاقته برسول الله صلى الله عليه وسلم وما التشريعات من خلال ذلك :
خرج زيد بن حارثة مع أمه سعدى بنت ثعلبة لزيارة قومها بنى معن
فغارت عليهم خيل بنى القين ، وبيع زيد فى سوق عكاظ فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد ابن أخى خديجة بنت خويلد ب 400 درهم
استقبلت خديجة ابن أخيها تهنئه على سلامة العودة فأعطاها غلاما ممن اشترى كخادم
اختارت هذا الغلام الأسود أفطس الأنف لأنها تتمثل فيه سمات المروءة والنخوة ، وكان اسمه زيد بن حارثة
تزوجت خديجة بالنبى ، فأهدت إليه هذا الغلام
أصبح زيد للرسول كظله ووجد فيه الأب والرفيق والصاحب
حزن أبوه وأمه عليه وبحثوا عنه كثيرا
خرجت جماعة من قوم حارثة للحج بالبيت الحرام ، وعند الطواف وجدوا زيدا وعرفوه .
أعد أبوه حارثة الراحلة و المال ليفدى به ولده واصطحب معه أخاه كعبا .
لقيا الرجلان الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لهما ( ادعوه لكم فخيروه بينى وبينكم فإن اختاركم فهو لكم بغير مال ، وإن اختارنى فما أنا ـ والله ـ بالذى يرغب عمن يختاره )
ولما دعى زيدا فاختار محمدا صلى الله عليه وسلم
فأخذه بيده النبى صلى الله عليه وسلم ووقف على ملأ من قريش وقال ( يا معشر قريش ، اشهدوا أن هذا ابنى يرثنى وأرثه )
فطابت نفس حارثة وأخيه لذلك
" وظل زيد يدعى زيد بن محمد حتى أبطل الإسلام التبنى بقول الله تعالى :
( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) .... الأحزاب 5
( ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله ..... ) الأحزاب 40
وعوضه الله بأن خلد ذكره فى القرآن إلى يوم القيامة
ولقبه الناس ( زيد الحب ) حبه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وزوجه بإبنة عمته زينب بنت جحش الأسدية وظلت معه سنة ثم وقع بينهما خلاف
جاء زيد يشكوها إلى رسول الله فجعل يقول له " أمسك عليك زوجك واتق الله
ولكن الله يأمر رسوله بالزواج من زينب ، وكان ذلك من أمر الله ليشرع للناس بأن يجوز الزواج من زوجات أدعياءهم كتأكيد لأمر النهى عن التبنى
وعاتب الله رسوله بقوله ( وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )
ولكن أمر الله كان نافذا فلما طلقها زيد تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم
وكانت تفخر زينب على زوجات الرسول فتقول " زوجكن أهاليكن وزوجنى الله تعالى من فوق سبع سموات "
ويؤكد الله ضرورة عدم التبنى وأن يدعى الشخص باسم أبيه وهذا العدل عند الله
الآية 38
( ما كان على النبى من حرج فيما فرض الله له ، سنة الله فى الذين خلوا من قبل ، وكان أمر الله قدرا مقدورا )
ليس عليك يا نبى الله من لوم ولا حرج فيما أحل الله لك من تزويجك بزينب بنت جحش طليقة دعيّك زيد بن حارثة
لأن هذه سنة وحكم الله فى الأنبياء من قبلك فما أمرهم الله به ليس عليهم فيه حرج لأن بذلك يعلم الله الناس تعاليم دينهم
وأمر الله مقدرا لا محالة إذا شاء شيئا فيكون .
الآيات 39 ـ 40
( الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ، وكفى بالله حسيبا * ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ، وكان الله بكل شئ عليما )
يمدح الله من يؤدى رسالة الله بأمانة ولا يخشون إلا الله وحده ولا يخافون غيره
وكفا بالله ناصرا
وينهى الله الرسول عن تبنيه زيد وأنه ليس له أولاد من الذكور وجميعهم ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم
ولكن محمد رسول الله وليس بعده من نبى ولا رسول فهو خاتمهم
والله يعلم كل شئ يصلح أمر عباده
الآيات 41 ـ 44
( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا * هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام ، وأعد لهم أجرا كريما )
يأمر الله عباده الصالحين بذكره بكثرة لما أنعم عليهم من نعم كثيرة
ويسبحوه فى كل وقت فى الليل والنهار وفى الصباح الباكر والظهر وبعد كل صلاة
فالله يرحم عباده ويذكرهم ويصلى عليهم وصلاته رحمة ومغفرة
ويباهى بهم الملائكة والملائكة تدعوا لهم وتستغفر لهم
وهذه الرحمة تخرج المؤمنين من ظلمات الجهل والكفر إلى نور الإيمان والهدى
ويرحمهم الله فى الدنيا والآخرة
ويوم القيامة يسلم عليهم الله وملائكته
وأعد لهم فى الجنة الثواب العظيم والخير الوفير بما لم ترى عين ولم تسمع أذن .
الآيات 45 ـ 48
( يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا * وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله ، وكفى بالله وكيلا )
فى التوراة مكتوب :
" يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرز للأميين ، فأنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، فيفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا "
وهكذا يذكر فى القرآن بنفس الصفات ونفس المعنى
فلا تطع الكافرين وبشر المؤمنين بالثواب والأجر العظيم
ودعك من أذى المنافقين فسوف ينتقم الله منهم وتوكل على الله فى دعوتك وتبليغك ويكفيك ذلك من الله ناصرا .
الآية 49
( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ، فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا )
يمكن للرجل أن يطلق المرأة قبل الدخول بها
وفى هذه الحالة ليس لها عدة ولها أن تتزوج فور تطليقها
ولها نصف الصداق من طليقها وإن لم يقدر لها صداق فعليه أن يعطيها متعة على قدر حالته المادية ويسرحها
الآية 50
( يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما آفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ، قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج ، وكان الله غفورا رحيما )
يقول الله تعالى :
قد أحل الله للنبى أزواجه اللواتى أعطاهن مهورهن
وأباح لك من السرارى ( النساء اللواتى تؤخذ من المغانم ) فقد أخذ صفية وجويرية وأعتقهما وتزوجهما ، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم إبنه إبراهيم
وأحل لك التزوج من بنت العم وبنت العمة وبنت الخال وبنت الخالة
وذلك يخالف اليهود الذين يتزوجون بنت بنت الأخ وبنت الأخت
ويخالف النصارى الذين يشترط فى زواجهم من الأقارب أن تكون بينهما سبعة أجداد فأكثر
ويحل أن يتزوج الرسول من المرأة المؤمنة التى تهب نفسها له إذا أراد ذك
وهذا فقط للنبى أما إذا وهبت مرأة نفسها لرجل آخر حل لها أن يدفع لها مهرا وصداق
ويعلم الله ما فرض على الرجال للنساء من عقد ومهر وشهود وولى وهذا من باب الرحمة والمغفرة من الله .
الآية 51
( ترجى من تشاء منهن وتؤى إليك من تشاء ، ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ، ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ، والله يعلم ما فى قلوبكم ، وكان الله عليما حليما )
كانت عائشة تغار من النساء اللواتى تهبن نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم فتقول : ألا تستحى المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق ؟
فأنزل الله ( ترجى من تشاء منهن وتؤى إليك من تشاء ) فجعل للنبى الحق فى أن يرفض منهن من لا يريد الزواج منها ( ترجى بمعنى تؤخر )
وقيل فى التقسيم بين زوجاته يقدم من يريد ويؤخر من يريد
وجعل له الحق فى استرجاع من ردها فقال ( ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك )
وهذا الإختيار لدى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى تفرح به الزوجات فلا يكون محددا بقسمة قد تؤذى واحدة وتفرح بها أخرى
والله يعلم أن النفس قد تميل لواحدة دون الأخرى ويعلم ما فى الضمائر ويغفر بحلمه .
الآية 52
( لا يحل لك النساء من بعد ولآ أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ، وكان الله على كل شئ رقيبا )
نزلت هذه الآية عندما ارتضت زوجات الرسول بحكم الله وأطعن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم
فجازاهم الله على حسن صنيعهن وحرّم عليه الزواج بغيرهن أو استبدال آخريات بهن ولو حتى أجبته أخرى إلا الإماء فلا حرج عليه
ثم نسخت هذه الآية بعد ذلك وأباح له الزواج ولكن لم يحدث منه ذلك بعدها وذلك ليكون الفضل من الرسول نفسه عليهن ليؤدم بينه وبينهن .
وفى تفسير آخر قيل لا يحل له أن يتزوج بغير ما أحل الله من بنات العم وبنات الخل و... لآخر ما أحل الله
الآيات 53 ، 54
( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث ، إن ذالكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم ، والله لا يستحى من الحق ، وإذا سالتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ، ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ، وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولآ أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ، إن ذالكم كان عند الله عظيما * إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما )
تلك تسمى آية الحجاب
بها آدابا وأحكاما شرعية وجاءت موافقة لقول عمر بن الخطاب حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم " يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن ؟
فأنزل الله آية الحجاب
دعا النبى يوم عرسه على زينب بنت جحش القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون وتهيأ النبى للقيام وهم يجلسون وقام وهم على ذلك فذهب إليه أنس بن مالك فألقى بينه وبينه الحجاب حيث نزلت آية الحجاب
ويقول سبحانه وتعالى للمؤمنين :
لا تدخلوا بيوت النبى إلا إذا دعاكم
ولا تجلسوا حتى تنتظروا أن يطهى الطعام
كلوا ثم اخرجوا ولا تجلسوا للحديث فى بيته فالرسول كان يستحى منكم ولكن الله لا يستحى من الحق
وإذا طلبتم منه شئ فيكون من وراء حجاب فهذا أطهر لقلوبكم وقلوب نساءه
ولا تتزوجوا من نساءه من بعده أبدا لأن فى ذلك فتنة فى الدين وهن أمهات المؤمنين اللواتى يعلمن المؤمنين ما علمهن الرسول
وهذا أمر عظيم عند الله
والله يعلم سرائركم ونفوسكم ولا يخفى عليه من شئ
الآية 55
( لا جناح عليهن فى آبائهن ولآ أبنائهن ولآ إخوانهن ولآ أبناء إخوانهن ولآ أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن ، واتقين الله ، إن الله كان على كل شئ شهيدا )
ولا يجب على النساء الإحتجاب عن الأقارب الموضحة بالآية وهم الأب والأخ وأبناء الأخوة والأخوات وكذلك لا حرج فى الأرقاء من الذكور والإناث لأنهم لا رغبة لضعفهم فى فاحشة
وعليكن بالتقوى فى السر والعلانية من الله الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور
الآية 56
( إن الله وملائكته يصلون على النبى ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
إن الله يصلى على النبى وصلاته رحمة ومغفرة
والملائكة يصلون عليه وصلاتهم دعاء بالمغفرة له
ييأمر الله المؤمنين أن يصلوا على النبى ويسلموا عليه ليجتمع له الثناء والدعاء فى أهل السماء والأرض
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " من صلى علىّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا "
والبخيل هو من ذكر عنده الرسول ولم يصلى عليه كما أوضحت الأحاديث
الآيات 57 ، 58
( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا * والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا )
عن أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" قال الله : يسب بنوا آدم الدهر ، وأنا الدهر ، بيدى الليل والنهار " .
وهذا من أذى العبد لربه
والذين يؤذون النبى فقد آذوا الله ومن عصى الرسول فقد عصى الله
والذين يؤذون المؤمنين وينسبوا إليهم زورا من القول والفعل فقد بهتوهم حقهم ولهم عذاب عظيم على ما أتوا من إثم واضح .
الآية 59
( يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ، وكان الله غفورا رحيما )
يأمر الله النبى بأن يبلغ أمر ربه لنسائه ونساء المؤمنين بارتداء الجلباب
( وهو الرداء فوق الخمار ) وأن يدنين عليهن هذه الجلابيب وأوضح عبيدة السلمانى كيفية ذلك بأن غطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى
وذلك يعرفن بأنهن حرائر ولسن بالعواهر أو الإماء فلا يؤذين من فاجر
وقد كان الفساق من أهل المدينة يتعرضون للنساء فإذا رأين من عليها جلباب قالوا هذه حرة فكفوا عنها ومن رأوها بغير جلباب قالوا هذه أمة فيثبوا عليها
والله يغفر ما سبق من قبل نزول الآية للتحريم .
الآيات 60 ـ 62
( لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين ، أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله فى الذين خلوا من قبل ، ولن تجد لسنة الله تبديلا )
المنافقون : يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر
الذين فى قلوبهم مرض : الزناة
المرجفون فى المدينة : الذين يقولون جاء الأعداء وجاءت الحروب وهو كذب وافتراء
لنغرينك بهم : نسلطك عليهم
لايجاورونك فيها : نخرجهم من المدينة
ملعونين : مطرودون من رحمة الله
أينما ثقفوا : أينما وُجدوا
( سنة الله فى الذين خلوا من قبل ) : وهذا ما يفعله الله بكل من فعل مثلهم من قبل
خلوا : مضوا
وهذه سنة الله لا مبدل لها الآيات 63 ـ 68
( يسئلك الناس عن الساعة ، قل إنما علمها عند الله ، وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا * إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا ، لا يجدون وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا )
يسألك الناس عن القيامة فقل لهم أن العلم عند الله وحده ، ومن يعرف ربما تكون قريبة الوقوع
فليعلموا أن الله قد جهز للكافرين نار السعير وأخرجهم من رحمته
وهم خالدين فى النار وخالدين فى اللعنةولن يجدوا من ينصرهم ولا يغيثهم منها
وعندما تشوى وجوههم فى النار سيقولون حسرة يا ليتنا أطعنا الله والرسول
ويتحسرون بطاعتهم للكبراء والسادة منهم ويعترفون أنهم ضلوا الطريق
ويدعون بأن ينتقم الله لهم ممن أضلوهم ولكن لكل ضعف من العذاب
الآية 69
( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ، وكان عند الله وجيها )
هذا الحديث يوضح ما صدر من اليهود من أذى لموسى
قال صلى الله عليه وسلم : " إن موسى عليه السلام كان رجلا حييا ستّيرا ، لا يرى من جلده شئ استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بنى إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب فى جلده ، إما برص ، وإما أدرة ، وإما آفة وإن الله عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى
فخلا يوما وحده فخلع ثيابه على حجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها وإن الحجر عدا بثوبه ( جرى ) ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر ( تتبعه ) فجعل يقول : ثوبى حجر ، ثوبى حجر حتى انتهى إلى ملأ من بنى إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله عز وجل ، وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجر ( سكن عن الحركة ) فأخذ ثوبه فلبسه ، وطفق بالحجر ضربا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربة ثلاثة أو أربعا أو خمسا "
قال : فذلك قوله
( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ، وكان عند الله وجيها ) .وكان عند الله مستجاب الدعوة وله وجاهة عند الله .
الآيات 70 ، 71
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )
يأمر الله المؤمنين بتقواه وعبادته وأن يكون قولهم مستقيما لا عوج فيه
حتى يثيبهم بحسن الجزاء ويصلح أعمالهم ويغفر لهم ذنوبهم
فمن يطع الله ويطع الرسول فإن له الجنة والنعيم الدائم
الآيات 72 ـ 73
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا * ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ، وكان الله غفورا رحيما )
يقول سبحانه لقد عرضت الفرائض والطاعات على السموات وعلى الأرض وعلى الجبال فاشفقوا من المعصية تعظيما لله مخافة من عدم آدائها كما ينبغى
وعرضها على الإنسان فقبلها واغتر بالله وقصر فى تحقيق الطاعات وظلم
وسوف يعذب الله المنافقين الذين يظهرون الإيمان وهم باطنهم على الشرك
ويعذب المشركين والمشركات الذين يشركون فى العبادة مع الله آخر
ويغفر للمؤمنين والمؤمنات الذين اتبعوا أوامر الله وانتهوا عما نهى عنه