ساد كثير من اللغط حول هجوم رفح الذي راح ضحيته 16 جنديا مصريا، الاسبوع الماضي، لاسيما علي صعيد الجهة المسئولة عن الحادث الذي هز مصر من اقصاها الي اقصاها، ربما بسبب ما يحتله الجيش من مكانة في نفوس المصريين جميعا، من جهة، وبشاعة الحادث الذي لم يراع مرتكبوه حرمة شهر رمضان، ولا خصوصية انهماك الجنود الصائمين بتناول طعام الافطار بعد يوم شاق من الصيام والعمل المصحوب بارتفاع شديد في درجة الحرارة.. تطايرت الاتهامات في أنحاء مختلفة، وحاولت عدة جهات، لا تعلن عن نفسها، استغلالها حالة الحزن والغضب الشديد لدي المصريين لتسويق عدد من السموم الفكرية، التي يستهدف كل منها شرا بعيد المدي، ينال من مصر وتماسكها، وثقتها بنفسها. فدعونا نفحص الحادث وتداعياته وفقا للمعلومات المتاحة حتي اليوم. كشفت التحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي ان المدرعة المصرية الثانية، وكانت من طراز "فهد"، توغلت داخل الحدود الإسرائيلية لمدة ربع ساعة، قطعت خلالها كيلومترين، وكان علي متنها 8 مسلحين، حتي تم قصفها بواسطة مروحية للجيش الإسرائيلي، بعد موافقة قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، تال روسو. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ان التحقيقات كشفت عن حصول الموساد الإسرائيلي علي معلومات عن عملية وشيكة علي الحدود المصرية قبل يومين من الحادث، وادعت ان اجهزة الامن الإسرائيلية نقلت تلك المعلومات الي الجانب المصري قبل وقوع الحادث. واكدت ان الجيش الإسرائيلي كثف من اجراءاته الامنية وقواته علي الحدود تحسبا لوقوع تلك العملية. وذكرت التحقيقات - حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية- انه في حدود الساعة السابعة من مساء الاحد، يوم الحادث،، واثناء تناول الجنود المصريين لطعام الافطار، هجم مسلحون، يقدرهم الجيش الإسرائيلي بنحو 12 شخصا، بينما تقدرهم الجهات المصرية بنحو 35 شخصا، وسيطروا علي النقطة الحدودية، واستولوا علي مدرعة وشاحنة، قالوا انها كانت تحمل نصف طن من المتفجرات، وساروا بسرعة كبيرة باتجاه احدي البوابات الحدودية غير العاملة، والتي تم من خلالها تسليم الجندي الإسرائيلي الاسير جلعاد شاليط. ونجحت المدرعة في التغلب علي العوائق التأمينية الموجودة هناك، بينما غرست الشاحنة في الرمال، بموجب التحقيقات الإسرائيلية. وبعد عدة دقائق انفجرت علي الحدود، ومن غير المعلوم ما اذا كان التفجير تم بأمر من المسلحين أم لسبب تقني. ودخلت المدرعة المصرية الي الاراضي الإسرائيلية وبدأت السير علي طريق 10 جنوبا، باتجاه ايلات. وتشير التقديرات الإسرائيلية الي ان المدرعة كانت في طريقها لتنفيذ عملية انتحارية كبيرة في إحدي المستوطنات الموجودة بالمنطقة. وعندها بدأت دورية إسرائيلية في اطلاق النار عليها، فقرر المسلحون تغيير مسارهم الي الاتجاه العكسي والعودة باتجاه كرم ابو سالم، فتعثرت بعائق امني بالقرب من المعبر، وصعدت الي الطريق الرئيسي رقم 232 في المنطقة. وبعد 50 مترا رصدتها قوة اخري تابعة لسلاح المظلات الإسرائيلي واطلقت النار باتجاهها، لكن المدرعة نجحت في الافلات. وقال قائد الوحدة الإسرائيلية ان الهدف كان منع المدرعة من الوصول الي المستوطنات، التي تم اعلان حالة الطوارئ فيها خلال تلك الاشتباكات، ومطالبة المستوطنين بالبقاء في منازلهم، في ظل مخاوف إسرائيلية من وصول المدرعة الي مستوطنة او موقع عسكري إسرائيلي لتنفجر هناك. ولم تتوقف المدرعة المصرية التي كانت تسير بسرعة 70 كيلومترا في الساعة. وتم استدعاء قوات المدرعات الإسرائيلية التي حاصرت المدرعة المصرية من 3 جهات. وتمركزت دبابة علي طريق 232، كان هدفها اطلاق القذائف علي المدرعة اذا لم ينجح قصفها عن طريق المروحيات الإسرائيلية. ولكن طائرة إسرائيلية نجحت في قصف المدرعة ووقف سيرها، حيث لقي 6 مسلحون مصرعهم، بينما واصل بقيتهم اطلاق النار من خلال رشاش المدرعة، ونجح اثنان منهم في الهرب من المكان، واطلقوا النار علي القوات الإسرائيلية المتواجدة في الموقع، حتي نجحت قوة مدرعة في قتلهم. إيران لم تتردد إسرائيل في استغلال الحادث لترويج اتهاماتها التقليدية ضد ايران، مع الوضع في الاعتبار ضرورة عدم استبعاد اية احتمالات، بما فيها صحة مثل هذه الاتهامات، لا سيما عندما يتم طرحها في سياق لفت الانظار عما يجري في سوريا، وتخفيف العبء الدولي والسياسي عن سوريا في هذا التوقيت الحساس. فقد اتهمت مصادر استخباراتية إسرائيلية إيران بالوقوف وراء العملية الارهابية، التي استهدفت موقعا مصريا علي الحدود الإسرائيلية. ونقل موقع "ديبكا" الاخباري الإسرائيلي عن تلك المصادر - التي لم يسمها - قولها إن منظمة الجهاد الاسلامي في قطاع غزة خططت للعملية، عبر خلية مكونة من عناصر جاءت من القطاع ومجموعة من عناصر تنظيم القاعدة في سيناء. واضافت المصادر ان الجهاد الاسلامي في غزة يخضع تحت القيادة المباشرة لغرفة عمليات كتائب القدس الايرانية الموجودة في لبنان، وتضم ضباطا ايرانيين، وانها نفذت العملية بالتنسيق مع تنظيم القاعدة في سيناء. واوضحت ان ضباط كتائب القدس الايرانية يمتلكون خبرة كبيرة في تشغيل عناصر القاعدة ضد اهداف عربية وغربية، كما حدث عامي 2003 و2004 ضد السعودية، ومنذ عام 2004 وحتي اليوم في العراق، وكذلك في افغانستان ضد القوات الامريكية والناتو هناك. وقالت المصادر انه في حالة صحة تلك المعلومات تكون تلك هي العملية الاولي التي تقوم فيها ايران باستغلال القاعدة ضد اهداف عسكرية مصرية وإسرائيلية، انتقاما من استعانة الغرب والعرب، خاصة السعودية وقطر، بتنظيم القاعدة لاسقاط نظام بشار الاسد في سوريا. ولفت التقرير الي ان العملية وقعت بعد وقت قصير من تصريحات لرئيس البرلمان الايراني، علي لاريجاني، هدد فيها بأن "النار التي تتم اشعالها في سوريا ستلتهم الإسرائيليين الجبناء"، دون ان يوضح كيفية ذلك، في اشارة الي ان الاجابة جاءت في العملية الارهابية، بما يعني ان الحرب في سوريا امتدت الي مصر وإسرائيل منذ يوم الحادث. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن السفير الإسرائيلي لدي الولايات المتحدة الامريكية، مايكل اورين، اتهامه لايران بدعم الهجوم الذي وقع في سيناء. واشارت الي ما كتبه اورين علي حسابه بموقع "تويتر": "دعم الايرانيون مجددا الارهابيين لمهاجمة حدودنا الجنوبية، وقتل 15 جنديا مصريا، وحاولوا قتل مدنيين إسرائيليين". وأكد التقرير المنشور بموقع "ديبكا" ان إسرائيل كانت تملك معلومات مبكرة عن حادث وشيك في معبر "كرم سالم"، وان الاستعدادات المبكرة للقوات الإسرائيلية منعت تغلغل المدرعتين المصريتين، اللتين سيطرت عليهما عناصر جهادية، الي داخل الحدود الإسرائيلية بهدف قتل واختطاف جنود إسرائيليين ونقلهم الي سيناء. واشار الي ان الجيش الإسرائيلي لم يذكر ما اذا كان قد نقل تلك المعلومات المبكرة التي كانت لديه الي الجانب المصري، وما اذا كان قد حذرهم من هجوم وشيك ايضا ام لا. ويتضح هنا رغبة إسرائيل في استغلال الحادث لتوجيه ضربة اعلامية الي سمعة المخابرات المصرية، عبر الادعاء بابلاغها بالمعلومات المتاحة، وهنا ينبغي التساؤل: هل تحبنا إسرائيل؟ هل تخشي المخابرات الإسرائيلية علينا وعلي حياة جنودنا حتي ترسل الينا معلومات دقيقة عن حادث يضرنا؟! بالطبع الاجابة ستكون لا! والمؤكد ان إسرائيل في مثل هذه الحالات تكتفي بالقول بأن لديها معلومات عن حادث وشيك في سيناء، دون ان تقدم اية معلومات عن مكان او زمان او هوية هذا الحادث، الامر الذي يفقد مثل تلك المعلومة اهميتها! فبوسعي ان اجزم منذ الآن ان الاسبوع القادم سيشهد قيام رجل بقتل زوجته في القاهرة! وهذا ما سيحدث، فهل يمكن مع ذلك اتهام وزارة الداخلية وجهاز المباحث العامة بالتقصير رغم انني ابلغته بمعلومة شبه مؤكدة؟! بالطبع لا، لاني لم اذكر لا موقع ولا موعد ولا اية تفاصيل عن ذلك الرجل ولا اسباب الحادث! تدخل إسرائيلي دعت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي الي تدخل الجيش الإسرائيلي في سيناء لمواجهة التنظيمات الارهابية هناك، رغم تعقيد عملية كهذه بسبب اتفاقية السلام مع مصر. وقالت القناة في تقرير لها، إن علي إسرائيل أن تتعامل مع الارهاب القادم من سيناء، وإنه اذا تمت تصفية خلية ارهابية، فإن خلايا ارهابية أخري ستنمو وتزداد لتحول الحدود المصرية من حدود سلام هادئة الي حدود ارهاب ومثيرة للمشاكل. وتوقعت القناة ان يتكرر الامر نفسه مع الحدود السورية الإسرائيلية في وقت قريب. وقال المحلل السياسي لصحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية، رون بن يشاي، ان الهدف من العملية كان اشعال الحرب بين مصر وإسرائيل، عبر تنفيذ عملية يبدو فيها الجيش المصري - من خلال مدرعاته - متورطا في عملية ضد الجيش الإسرائيلي. وأضاف أن العملية تشير الي تمتع الارهابيين بخبرة عسكرية وجرأة ومهارة في التخطيط، معتبرا درجة التنفيذ والنجاح لا تعيب قوة خاصة تابعة لجيش نظامي، في اشارة الي كفاءة منفذي العملية. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن العملية الإرهابية التي استهدفت نقطة حدودية للشرطة المصرية عند الحدود الإسرائيلية -المصرية تشكل تحديا كبيرا للعلاقات بين مصر برئاسة محمد مرسي وحركة حماس، ومن شأنها أن تؤثر تأثيرا بالغا علي العلاقات بين الطرفين، خاصة في حال تبين ضلوع فلسطينيين من قطاع غزة في العملية، التي تقدر الجهات المختلفة أن منفذيها ينتمون لإحدي خلايا الجهاد السلفي والعالمي. تعزيزات إسرائيلية دعا رئيس اركان الجيش الإسرائيلي بيني جانتس قواته الي الاستعداد لخوض حرب متعددة الجبهات. وقال في تصريحات نشرها موقع "والا" الاخباري الإسرائيلي، إن "هجوم الارهاب من سيناء، علاوة علي الاحداث الاقليمية التي نراقبها عن كثب، تلزم الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لاحتمال اندلاع حرب متعددة الجبهات". واشار جانتس الي هجوم رفح الذي نجح خلاله المسلحون اختطاف مدرعة مصرية واقتحام الحدود الإسرائيلية، والتغلغل هناك بعمق 2 كيلومتر، وقال ان التصدي لهذه العملية نجح بفضل وجود معلومات استخباراتية مسبقة، لكنه اضاف: "لن تكون لدينا انذارات مسبقة في كل مرة، ولذلك ينبغي ان تزيد كفاءتنا وان نكون مستعدين لعمليات من هذا النوع". ولفت الي اهمية قوات الاحتياط واستعدادها لمواجهة الحرب، في ضوء الواقع الاستراتيجي الذي يتشكل اليوم وينطوي علي تهديدات وتحديات جديدة لإسرائيل. وكشف موقع "والا" الاخباري الإسرائيلي عن بحث افكار في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي لتزويد القوات الإسرائيلية علي الحدود المصرية بصواريخ مضادة للمدرعات من طرازات مختلفة، لمنع تكرار اختراق المدرعة المصرية للحدود مرة اخري. واشار الي ان وحدة الدوريات الامنية الحدودية الإسرائيلية اطلقت النار من رشاشات آلية وأسلحة خفيفة علي المدرعة المخطوفة، التي لم تتأثر علي الاطلاق لكونها مصفحة، وواصلت تقدمها في الاراضي الإسرائيلية. من ناحية أخري، تسعي الاستخبارات الإسرائيلية الي دعم تواجدها علي الحدود المصرية، من خلال تعاون بين الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) ومخابرات الأمن العام (الشاباك) لتعزيز القوة البشرية في مجال جمع المعلومات عن مصر عامة، وسيناء بشكل خاص. وذكر موقع "والا" الاخباري الإسرائيلي ان الشاباك يدعم صفوفه بخبراء في التجسس علي مكالمات الهاتف المحمول (الموبايل) ومواقع الانترنت، وخبراء في التكنولوجيا والتحقيق والتحليل والتأمين والعمليات والادارة وتأمين المعلومات، بالاضافة الي اشخاص يتحدثون اللغة العبرية. كما وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر للشئون السياسية والأمنية، الاسبوع الماضي، علي ارسال مصر مروحيات هجومية إلي سيناء، لمواجهة العناصر الإرهابية. وذكرت الاذاعة الإسرائيلية ان إسرائيل لفتت إلي أن موافقتها علي تواجد المروحيات في مناطق بعينها في سيناء ستسري لبضعة أيام، نظرا لمخالفة ذلك لبنود الملحق العسكري لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. ونقلت عن مصادر امنية وعسكرية إسرائيلية قولها ان قرار المجلس الوزاري "لن يعرض إسرائيل للخطر"، مشيرة إلي انه تمت دراسة جميع التداعيات المحتملة المترتبة علي مثل هذا القرار قبل اتخاذه. وقالت سلطات الجيش الإسرائيلي انها تأمل في ان تعكس الاجراءات التي تتخذها مصر "تغييرا جوهريا في سياستها وليس لمجرد الانتقام من مقتل الجنود الستة عشر في الهجوم الارهابي في رفح". ونقلت الاذاعة عن مصدر سياسي إسرائيلي إن التنسيق بين إسرائيل ومصر في المواضيع الأمنية "وثيق جداً وهو مصلحة مشتركة للبلدين". واشادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحيتها بالقرار الإسرائيلي، داعية الي توطيد التحالف بين مصر وإسرائيل في مواجهة الارهاب. وقالت: "لم تسقط السماء من ذلك القرار، ولم تستغل مصر هذه الفرصة لاستعراض عضلاتها امام إسرائيل". وأوضحت أن الدولتين تدركان أن واقع سيناء الذي فرض نفسه علي محتوي اتفاقية السلام منذ 33 عاما، قد تغير، وان التهديدات الماثلة اليوم، لم تكن موجودة آنذاك. وقالت: "ونتيجة ذلك، انه في ظل وجود اتفاقيات او بدونها، اتخذت الدولتان هذا الاسبوع قرارا يستحق اعتباره ضمن انجازات السلام مع مصر". ولفتت الي ان قرارا كهذا لم يكن بديهيا او سهلا في ظل الظروف السياسية التي تمر بها مصر وإسرائيل، في ظل خوف الإسرائيليين من نظام جماعة الإخوان المسلمين، الذين يكرهون إسرائيل، حيث كان من السهل تحطيم السلام الهش بين الجانبين. ودعت الصحيفة إسرائيل الي دعم العمليات العسكرية المصرية في سيناء للقضاء علي الارهاب. وأوضح مسئول إسرائيلي رفيع المستوي ان مصر لم تطرح حتي الآن مسألة تعديل معاهدة السلام الموقعة بين البلدين. من جانبه، طالب البروفيسور يورم ميتال، الخبير بمركز حاييم هيرتسوج لأبحاث الشرق الاوسط والدبلوماسية في جامعة بن جوريون، في مقال بصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، تحت عنوان "مكانة صحراء سيناء"، (9 اغسطس 2012)، باستجابة إسرائيل للمطالب المصرية بتغيير بعض بنود الملحق العسكري لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وقال: "يمكن لإسرائيل أن تعلن منذ الآن عن استعدادها لفحص وتعديل الترتيبات الامنية في سيناء بالتوافق المتبادل مع المصريين، بموجب المادة الرابعة من اتفاق السلام، حتي يتحقق توافق متجدد حول حجم القوات المصرية في سيناء، وانتشارها وتسليحها". عهد الإخوان لجأت وسائل الاعلام الإسرائيلية إلي مغازلة جماعة الإخوان المسلمين، والرئيس محمد مرسي بطريقة لافتة، في توقيت يبدو غريبا، ولا يصلح لذلك اساسا. فقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن العلاقات الأمنية بين مصر وإسرائيل تزدهر في عهد جماعة الإخوان المسلمين، من وراء ظهر الشعبين. قالت الصحيفة، في تقرير لها، إن إسرائيل لا تحب الحديث عن ذلك علنا، نظرا لحساسية الموضوع، وما قد يسببه لك من اضرار للعلاقات بين البلدين. ولكن مسئولين إسرائيليين يعترفون أنه من الصعب عليهم ان يتذكروا فترة كانت فيها العلاقات حميمية كما هي اليوم، في ظل سيطرة الإخوان المسلمين علي الرئاسة ومجلسي الشعب والشوري. ودللت علي ان العلاقات الأمنية تعيش "شهر عسل"، من أفضل الفترات منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، بتبادل الانذارات المبكرة عن عمليات ارهابية وشيكة، ومحادثات مباشرة بين ضباط رفيعي المستوي، واتصالات لا تتوقف بين وزارتي الدفاع واجهزة الاستخبارات. وذكرت الصحيفة الإسرائيلية ان تعيين وزير جديد للمخابرات سيوطد العلاقات بين القاهرة وتل ابيب. ووصفت اللواء محمد رأفت شحاتة، الوزير الجديد "المؤقت" للمخابرات، وكان رئيسا للمخابرات العامة، بأنه معروف بعلاقاته الممتازة مع الجانب الإسرائيلي، لافتة الي انه شارك في صفقة الافراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وقاده لتسليمه من مصر الي إسرائيل عبر معبر كرم ابو سالم. وقالت انه التقي الكثير من المسئولين الإسرائيليين السنة الماضية، ويعرف الواقع السياسي والامني جيدا. وقالت إن مساعده، نادر الأعصر، الذي كان في الماضي قنصل مصر في تل ابيب، يعرف شوارع المدينة الإسرائيلية وصحفييها جيدا، أكثر من نظرائه الإسرائيليين. كما ان من بين رجال شحاتة اللواء محمد إبراهيم، الذي كان ممثل مصر في غزة سابقا، ويجيد الحديث باللغة العبرية، ورغم تقاعده منذ فترة قصيرة، إلا من المتوقع ان يساعد علي دعم العلاقات مع الجانب الإسرائيلي. ووصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» "شحاتة" بأنه "رجل حازم وذكي" ويدرك تماما أهمية العلاقات الأمنية مع إسرائيل. وقال إنه يرتبط بعلاقات وطيدة مع كبار المسئولين الفلسطينيين، سواء في السلطة أو حركة حماس، مشيرة إلي أنه يحظي بثقة القيادات الفلسطينية بمختلف توجهاتها. وذكرت الصحيفة أن شحاتة كان مسئولاً عن ملف الشئون الفلسطينية في المخابرات، وكان من أبرز إنجازاته نجاحه في إدارة المفاوضات حول شاليط، وإعادة الهدوء النسبي إلي قطاع غزة، ووقف العمليات من القطاع ضد إسرائيل، بالإضافة إلي نجاحه في التوصل لاتفاق إنهاء إضراب الأسري الفلسطينيين الأخير عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وهو الإضراب الذي استمر لفترة طويلة قبل أن ينجح شحاتة في جهود الوساطة وتلبية إسرائيل مطالب الأسري. انتفاضة البدو حذرت تقارير إسرائيلية من اندلاع انتفاضة للبدو في شمال سيناء في حالة اغلاق انفاق التهريب بين مصر وغزة، فيما شككت قياات بالجيش الإسرائيلي في جدوي عمليات التطهير التي يجريها الجيش المصري ضد العناصر الارهابية في سيناء، وشككت أيضا في نية الرئيس محمد مرسي هدم انفاق التهريب بين مصر وغزة. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك للاذاعة الإسرائيلية، إن مصر قادرة علي التعامل مع الارهاب في سيناء، "ولكن الأيام المقبلة ستثبت ما اذا كانت ستقوم بذلك أم لا". وحاولت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية التشكيك في فعاليات الحملة التي تشنها القوات المصرية في سيناء لتطهيرها من اوكار الارهاب، فقالت الصحيفة إنه رغم اعلان مصر عن قتل 20 مسلحا من العناصر الارهابية في سيناء، إلا أنه لم يتم بث صور لاي جثث، ولم يشاهد اهالي سيناء اي جثث علي الارض. واضافت ان المصريين ما زالوا يحشدون قواتهم أمام القطاع، ومعهم معداتهم الهندسية اللازمة لهدم انفاق التهريب بين مصر وغزة، ولكنهم لم يبدأوا بعد في عملية الهدم. واعتبرت الصحيفة ذلك تعبيرا عن تردد الرئيس محمد مرسي لكون الامر يمثل مشكلة حساسة بالنسبة له، لكون الأنفاق مصدر دخل مهم لحكومة حماس وعشرات الآلاف من الفلسطينيين والمصريين. وحذرت من ان اغلاق الانفاق قد يؤدي الي اندلاع انتفاضة للبدو في شمال سيناء، علي اعتبار ان الانفاق والتهريب الي إسرائيل يمثل مصدر دخلهم الرئيسي، ولن يقفوا في صمت امام القضاء علي مصدر رزقهم. وشكك موقع "ديبكا" القريب من المحافل الاستخباراتية بإسرائيل في جدية العمليات العسكرية التي يشنها الجيش المصري في سيناء. واعتبر الاطاحة باللواء مراد موافي وزير المخابرات المصرية دليلا علي تدهور الاوضاع الامنية في سيناء، وقال ان العناصر الارهابية هي التي تبادر بالهجوم في سيناء. ونقل الموقع عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها ان قرار محمد مرسي بتغيير القيادات الأمنية، يستهدف اظهار القيادة السياسية امام الشارع المصري في صورة غير الصامت بعد المعارك المستمرة مع العناصر الارهابية في سيناء. وقالت المصادر انه لا توجد اي ادلة علي وجود عملية عسكرية جادة ضد الخلايا الارهابية في سيناء، ولذلك لجأ مرسي الي تبديل الاشخاص، باعتباره اسهل كثيرا لارضاء وتهدئة الشارع المصري. ووصفت المصادر الإسرائيلية عملية الجيش المصري بأنها محدودة للغاية، ولم تستهدف سوي موقع او موقعين، وجاءت ردا علي هجمات بادرت إليها المجموعات الارهابية الموجودة في سيناء ضد مواقع تابعة للجيش، وشككت في صحة الانباء المصرية عن مقتل 20 من العناصر الارهابية. وبحسب موقع "والا" الاخباري الإسرائيلي، شككت مصادر رفيعة المستوي بالجيش الإسرائيلي في احتمال نجاح عمليات الجيش المصري في سيناء. الضربة القادمة حذرت مصادر امنية إسرائيلية من ان تشن الجماعات الارهابية هجماتها القادمة علي اهداف بحرية او جوية في سيناء والبحر الاحمر. وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية ان الجيش الإسرائيلي يتوقع ان تنقل الجهات الارهابية معركتها من منطقة سيناء الي البحر الاحمر، خاصة بعد الحملة التي ينوي الجيش المصري تنفيذها ضدهم . ونقلت عن المصادر الامنية الإسرائيلية قولها ان إسرائيل تخشي ان تستهدف العملية الارهابية القادمة الطائرات الإسرائيلية في سيناء أو السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر. وتقول تقديرات استخباراتية في إسرائيل ان المجموعات السلفية الارهابية في سيناء لا تعمل كوحدة واحدة، ولكن هناك الكثير المنظمات المختلفة التي تعمل بسرية تامة، ولا تطلع بعضها البعض علي المخططات التي تعتزم تنفيذها هناك، مما يخلق صعوبة كبيرة في توصيف وتحديد التهديدات. واشارت التقديرات الي ان تفاصيل وشكل الاسلحة والمتفجرات التي اكتشفت بعد عملية الاحد هي نفسها التي اكتشفت مع منفذي عملية الشارع رقم 12 من العام الماضي، ما يظهر تواصلا لبعض المجموعات الارهابية التي تعتبر من أجنحة تنظيم القاعدة . وتشير أيضا إلي أن بدو سيناء هم الآن الاكثر قربا للتنظيمات السلفية القريبة من القاعدة، سعيا منهم إلي المال والسلاح، حيث تظهر تفاصيل العمليات ان المنفذين هم من بدو صحراء سيناء . أخيرا.. ينبغي الانتباه الي عدة حقائق مهمة حول الهجوم علي سيناء قبل تبادل الاتهامات: أولا: المعلومات المتاحة حتي الآن تشير الي ان تنظيم القاعدة، او تنظيما جهاديا يتبعه فكريا، وراء الحادث. ثانيا: التنظيمات الجهادية، ومن بينها القاعدة، تضم عناصر من مصر وفلسطين ومختلف الدول الاسلامية، وليست العربية فقط، بل وهناك من الاجانب ايضا، وبالتالي لا يمكن تحميل جنسية او بلد بعينه مسئولية مثل هذه العمليات، فإذا كان من بين المنفذين فلسطيني، فلا يعني ذلك اتهام الفلسطينيين جميعا، تماما كما لو تورط مصري في الحادث، لا يمكن اتهام المصريين جميعا. ثالثا: من الثابت ان هناك خونة وسذج ومن يتعرضون لغسيل مخ في كل الدول، بما يسمح باستغلالهم في تحقيق مصالح خبيثة، من خلال الايحاء بأنها عملية لوجه الله ومن اجل خدمة الاسلام والمسلمين، رغم ان نتائجها تكون عكس ذلك تماما. رابعا: يتم التعامل من خلال التنظيمات الجهادية مع الجنود المصريين وامثالهم في مختلف الدول باعتبارهم إما عبر اهدار دمهم باعتبارهم يحمون العدو الصهيوني او قوات الاحتلال او القوات الغازية (إسرائيلية كانت او امريكية او دولية)، أو باعتبارهم شهداء يفرض الهدف الاسمي - من منظور الجهاديين- التضحية بهم. خامسا: تشير المعلومات المتاحة حتي الآن الي ان الهدف من العملية كان تنفيذ عملية انتحارية كبري داخل إسرائيل، سواء عبر استهداف مستوطنة يهودية او موقع عسكري إسرائيلي، وبالتالي لم يكن الهدف النهائي عهو قتل جنودنا المصريين. سادسا: من المعروف ان الموساد الإسرائيلي والعديد من اجهزة المخابرات، خاصة الامريكية، اخترقت الكثير من التنظيمات الجهادية بالفعل، ولم يعد دور عملاء تلك الاجهزة في هذه التنظيمات مجرد الحصول علي المعلومات، وانما تطور الي حد توجيه تلك التنظيمات الي عمليات بعينها، ظاهرها الجهاد، وباطنها الفتنة وقتل مسلمين علي يد مسلمين. سابعا: في ظل الاوضاع الداخلية الفوضوية في مصر، باتت مصر ملعبا للعديد من الاجهزة الاستخباراتية، التي لا تريد الخير لمصر بطبيعة الحال، وتريد ان ننشغل باطفاء الحرائق، ومواجهة الازمات، بدلا من الالتفات الي التنمية والنهوض. الامر الذي يحتم علينا بالضرورة اعادة التوحد لنكون يدا واحدة في مواجهة أعدائنا، كي نحمي بلادنا امنيا واقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. ثامنا: لا بد من استثمار الحادث في تغيير بنود اتفاقية السلام مع إسرائيل، لاعادة فرض السيطرة الامنية الكاملة علي سيناء. تاسعا: لا بد من الالتفات فورا لتعمير سيناء، وزيادة توطين الشباب المصري بها، من خلال مشروعات قومية كبري تحمل الخير للجميع. وأخيرا.. اللهم احفظ مصر وشعبها.
إسرائيل تستغل «هجوم سيناء» وتغازل «مرسي» و«الإخوان».. وتحذر من انتفاضة البدو