يرى اختصاصيي علم نفس الطفل،أن الطفل عمومًا في العالم العربي والإسلامي معتاد على مفهوم الصوم ومشهد رمضان وطقوسه في المنزل، أي حين يرى أهله يصومون خلال هذا الشهر ويسمع مدحهم لهذا الشهر وأهميته، تتكوّن لديه رغبة في الصوم مثلهم وفي سن مبكرة. ولكن المشكلة عندما يقول له الأهل «أنت لا تزال صغيرًا و ليس لديك قدرة على الصوم»، مما يحبطه.
فهو بمجرد أن يرى أهله يصومون يشعر بالحماسة ويحب أن يقلدهم ويصوم مثلهم. لذا من المفضّل ألا يقول الأهل لأطفالهم «أنت لا تستطيع» حتى لو كان صحيحًا، بل الاستعاضة عن هذه العبارة بـ «يمكنك الصيام ولكن ليس طوال النهار لأن سنّك لا تسمح». وهذه هي الإرشادات التي يمكن الأهل اتباعها لتعويد أبنائهم على الصيام الصوم في شكل تدريجي في بدايات الصيام وفي سن السابعة يمكن أن تسمح الأم لطفلها بالصيام 3 ساعات في اليوم. ومن المفضّل أن تكون في آخر النهار أي الساعات الثلاث الأخيرة قبل الإفطار، فالجلوس إلى مائدة الإفطار فيه سعادة ومعنى جميل. أما الصوم في ساعات النهار الأولى لا يشعره برهجة رمضان، والأفضل أن يتناول فطوره وغداءه، وعند الرابعة والنصف مثلاً تقول له والدته صار في إمكانك الصوم حتى ساعة الإفطار لنفرح معًا. طبعًا في السابعة يمكن أن تكون 4 ساعات صيام ونزيد كل سنة ساعة بحسب قدرة الطفل، وهذا يعود إلى رغبته وقدرته الجسدية. ويترافق ذلك مع عبارات المدح معنى الصيام وشرحه، أي أننا نصوم لله ونطيعه وهو يرضى عنا. شرط أن يكون السحور ملازمًا للصوم. أما إذا كانت لدى الطفل فعلاً مشكلة صحية ويصر على الصوم، فيمكن للأهل أن يسمحوا له بالصوم ساعة قبل الإفطار وهكذا يشعرونه بفرح الصوم ومشاركة بقية أفراد العائلة. الأهل النموذج الجميل للصيام قبل أن يشرح الأهل معنى الصيام عليهم أن يكونوا النموذج السليم للصيام، فكثيرًا ما نسمع عبارة «حلّ عني أنا صائم» أي يبررون غضبهم السريع وعصبيتهم بأنهم صائمون، وهذا خطأ لأن هذه العبارة تعطي الطفل انطباعًا سيئًا عن معنى الصوم. لذا على الراشدين أن يقتنعوا بأن الصيام لله ويحاولوا قدر المستطاع ألا يتفوّهوا بهذه العبارات. فنحن نصوم طاعة لله كما ذُكر في القرآن. شرح معنى الصيام عندما يشرح الأهل لطفلهم أن الصوم يعلّم الصبر وقوة الإرادة والشعور مع الآخرين لاسيما الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلونه، وأن كل طاعات الله لها مكافأة محدودة ما عدا الصيام فليس له حدود «إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به» ومكافأته كبيرة جدًا. إلتزام الأهل بما يقولونه عن الصيام على الأهل الإلتزام بما يقولونه عن أهمية الصيام وفضائله وحسناته، وأن تكون أفعالهم تطبيقًا لأقوالهم، كي لا يشعر الطفل بالتشوّش، ويفكر في نفسه «كيف يقولون لي أن الصوم يعلّم الصبر، وهم سريعو الغضب لأنهم صائمون؟!» الصيام ليس عن الطعام والشراب فحسب بل هو التحكم في غرائز الابتعاد عن العصبية والكذب والصراخ أو الشتم. هذا ما يحتاج الطفل إلى فهمه علمًا أن هذا لا يجوز أن يكون مقتصرًا على شهر رمضان فقط. رب العالمين يدعونا إلى الصوم بكل جوارحنا. عدم الإسراف في مائدة الإفطار الإسراف في المائدة ورمي الطعام الفائض قد يؤدي إلى تشوش تفكير الطفل، فهو سوف يسأل نفسه «كيف يقول لي أهلي إن من أهم معاني الصيام الشعور مع الفقراء، وها هم يرمون الطعام الفائض؟» فالطفل ذكي و لا يمكن الاستخفاف بقدراته الذهنية. لذا إذا كانت سيدة المنزل متأكدة من أنها لن ترمي الطعام «فصحتين» على قلوب الصائمين. والشرط الوحيد لإثراء المائدة بالأطباق توزيع الطعام وإعطاء الفائض للمحتاجين. من المهم أن يرى كيف توزع أمه طبق «أول سكبة» لأحد الفقراء، ويجب أن يعرف أن التبرع يكون من أجمل ما لدينا. البدء بالبسملة والحمدلله عند ضرب المدفع أي أن يكون الأهل قد علّموا أطفالهم طاعات الله أي البسملة والحمدلله عند البدء بتناول الوجبة سواء في رمضان أو غيره من أيام العام. ولكن من الجميل أن يتلى دعاء الإفطار والكل يسمع. تزيين البيت بزينة رمضان الزينة جميلة ومن الجميل أن يحضر الأهل زينة رمضان خصوصًا أن هناك تنافساً كبيراً مع مناسبات أخرى. لذا ليس خطأ إذا زُين البيت لمناسبة شهر رمضان بفوانيس وهلال أو زُيّنت غرفة الطفل، فهذا يمنح الشهر الرهجة والفرحة، وفي الوقت نفسه يدخل البهجة إلى قلب الطفل. كما من الجميل أن يحيي الأهل بعض عادات رمضان القديمة. عدم المبالغة في شرح معنى رمضان يوميًا فهذا يجعل الطفل يمل، ولكن يمكن مثلاً إذا أراد الأهل ترسيخ معنى الشهر في عقل طفلهم أن يطلبوا من أحد الأبناء سرد حديث ديني لرياض الصالحين قرأه في كتاب معين، فهذه تكون أجمل رسالة، وبطريقة غير مباشرة وسلسة وتتحوّل مائدة الإفطار إلى غذاء للجسم والروح معًا. مشاركة الطفل أهله فطرة رمضان من المهم أن يعرف الطفل سُنة الفطرة ويفهمها، فهي سُنّة محببة وواجبة، وإذا أراد أن يشارك فيها يمكن القول له «طالما أنت لا تعمل فالبابا والماما مكلفان بدفعها عنك، ولكن عندما تبدأ العمل سوف تقوم بها بنفسك». ولكن يمكن جعله يشارك في الفطرة. مثلاً أن يتبرع بلعبة أو ملابس لم يعد يرتديها رغم أنها في حالة جيّدة، لطفل يتيم أو فقير. وهذه العادة يجب أن يكون الطفل قد تربّى عليها قبل أن يصوم، وفي رمضان تكون تلقائية. عدم تأنيب الطفل عندما يأكل خلسة هناك أحيانًا أطفال ينسون أنهم صائمون أو يأكلون خلسة رغم أنهم غير مرغمين. على الأم في الفترة الأولى غض النظر، فالنسيان شيء والتصرّف المقصود شيء آخر. وإذا قصد الطفل اللقمشة يمكن الأم أن تقول له «الله يعرف كل شيء فأنت تصوم له لا لي، هذا يعود إليك». في البداية عليها ألا تكون قاسية معه خصوصًا إذا كان دون سن التكليف، فهناك أطفال لا يستطيعون مقاومة مشهد مائدة الإفطار الجميلة ويفقدون صبرهم ويلقمشون، هنا على الأم أن تشغلهم، بأن يساعدوها في تحضير مائدة الطعام، كأن تطلب مثلاً ترتيب الأطباق أو توزيع الملاعق أو غسل الخضار. بذلك لن يشعر الطفل بالوقت. كيف أجعل صيام أطفالي صحياً؟ عدم السماح للطفل الذي يعاني فقر دم أو أي مرض عضوي بالصيام، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. منع الطفل من الصيام إذا تعكّر مزاجه أو شعر بالدوار والتعب الشديد. تعويد الطفل على الصيام خلال أيام عطلة الأسبوع. إعطاء الطفل الفيتامينات المتعددة المعادن البديلة إذا صارت شهيّته خفيفة. ويجب استشارة طبيب الأطفال لإعطائه الفيتامينات المناسبة له. يجب أن تكون وجبة الإفطار غنية بالمعادن والحديد والنشويات. كأن يكون الطبق الرئيسي من اللحوم الحمراء أو الدجاج أو السمك إضافة إلى اليخنة الغنية بالألياف كالبازيلا والفاصوليا والمجدرة وطبق الخضار كالفتوش والسلطة، لأن اليخنة تًفقد الألياف والفيتامينات شيئاً من فعاليتها بسبب تسخينها. التأكد من أن وجبة الإفطار غنية بالحديد الموجود في اللحم الأحمر والفيتامين D والزنك والفيتامين A والمغنزيوم ومعظم هذه الفيتامينات موجودة في الخضر. تفادي تناول الحلويات لأنها تزود الطفل الطاقة. فالدم يمتص السكر الموجود فيها في شكل سريع، فيصبح الطفل كثير الحركة ومفرط النشاط ما يفقده التركيز، إضافة إلى أنها تحتوي على الكثير من الدسم. لذا من الأفضل تناول الأرز والمعكرونة وغيرها من الأطعمة التي تحتوي على النشويات المركبة التي يمتصها الدم ببطء ما ينظم حركة الطفل ونشاطه. تفادي تناول الوجبات السريعة كالهمبرغر والبطاطا المقلية. جعل وقت وجبة الإفطار وقتاً ممتعاً يجتمع خلاله جميع أفراد العائلة حول مائدة الإفطار وهذا له آثاره الإيجابية على نفسية الطفل. وتجدر الإشارة إلى أن الوالدين اللذين يتبعان حمية، يجب ألا يظهرا تمنعهما عن بعض أنواع الطعام أمام أطفالها كي لا يقلدوهما. التأكيد على تناول وجبة سحور كاملة تتضمن العصير الطازج أو حصتين من الفواكه كالبرتقال أو الموز أو الليمون الهندي، والحليب والألبان والجبنة والزيتون الذي يحتوي على الدسم الجيد والخيار الذي يحتوي على الألياف والطماطم التي تحتوي على الفيتامين C. فوجبة السحور تعطي الطفل الطاقة اللازمة خلال نهار طويل.