قبل ما يقرب ثلاثين عاماً لم يعرف العالم ما يسمى (بالشبكة العنكبوتية) أو ( الإنترنت) بل حتى الحاسبات الشخصية لم تظهر إلا في الثمانينات الميلادية. والعاقل لابد أن يعي ما تحمل هذه الشبكة من مغريات وفتن كي يصبح حذراً في متابعة من يعول ، ولعلي أجعلك أيها الأب تقف مع هذه الإحصائيات الخطيرة ولغة الأرقام أحياناً تغني عن لغة البيان : بلغت مجموعة مشتريات مواد الدعارة في الإنترنت إلى 8% من التجارة الإلكترونية ، والبالغ دخلها 18 مليار دولار، كما بلغت مجموعة الأموال المنفقة على الدخول على الصفحات الإباحية 970 مليون دولار، وكان من المتوقع أنها تبلغ ثلاث مليارات دولار ، وهذه الصفحات تتكاثر بشكل مهول تبلغ مئات الصفحات الإباحية الجديدة في الأسبوع الواحد، وكثير منها تؤمن هذه الخدمة مجانا[1]. وقد يستدرك البعض بوجود نظام الترشيح في كثير من الدول ، وهذا بلا شك يقلل من خطر هذه الوسيلة ولكنه لا يفي بالنقاء الكامل حيث انه يمكن الوصول بطرية أو بأخرى لهذه المواقع. وثمة أمر آخر في غاية الأهمية ( يفيد به فريق الترشيح الوطني ، أنه خلال السنوات القريبة الماضية بدأت الصفحات الإباحية المتخصصة ببنات وأبناء المسلمين بالظهور ، وهذا مؤسف ومخجل ، وكثيراً ما يتم محاولة إخفائها في صفحات أخرى وخلف نظام اشتراكات ، كما يفيد الفريق المذكور بان المصدر الأساسي لهذه الإباحية في الوقت الحاضر هو كاميرات الجوالات وخدمات الدردشة المصورة ، حيث يقوم الشباب والشابات بتصوير مشاهد التعري بهذه الوسائل ثم يتم تحميل تلك المشاهد إلى الإنترنت أو تبادلها مباشرة في الطرقات العامة باستخدام تقنية "بلوتوث" الخاصة بالجوالات مما يساعد على انتشارها )[2]. وبدأنا نسمع في مجتمعنا المحافظ بمدمني المواد الإباحية ، فهم أشبه ما يكونوا بمدمني المخدرات والمسكرات ، فبعد حين من الزمن يجدون أنهم لا يتمالكون أنفسهم أمام هذا البلاء . وهنا يأتي دور الأب المربي مع أبنائه في ترشيد استخدام هذه الوسيلة ، ومتابعة الأبناء ذكوراً وإناثاً متابعةً دقيقة أثناء جلوسهم على أجهزة الحاسوب مع محاولة جعل جهاز الحاسب المتصفح للإنترنت في مكان بارز في المنزل وغير منزوي ويكثر المرور من حوله ، لئلا يكون هناك جواً مهيئاً للابن للتفتيش عن هذه المواقع ، وقد يكون من المناسب لرب الأسرة الاشتراك في مرشد الخدمة أو ما يسمى ( بالبطاقة الخضراء )وهي ذات صفحات مخصصة ومفيدة وخالية من كل ما يخدش الحياء . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لكل بني آدم حظ من الزنا ، فالعينان تزنيان وزناهما النظر ، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي ، والفم يزني وزناه القبل ، والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أيكذبه"[3]. ومما يجدر التنبيه إليه وهو في الحقيقة مرضٌ بدأ يستشري في مجتمعنا ، قضية ارتباط حبال الزوجية عن طريق الإنترنت أو عبر مراسلات بالبريد الإلكتروني ، فحذاري أيها الأب المبارك أن يقع ابنك أو تقع أبنتك ضحية الزواج عبر هذه الشبكة ، ولم أنبه على ذلك إلا بسبب تفشي هذا النوع من الزواج ورضوخ عدد من الأباء له جراء ما يلاقونه من العنوسة المتفشية في الآونة الأخيرة. وقد أضحى هذا الزواج ظاهرة مرضية تستوجب الرصد والمتابعة ، وإن كان غالباً ما يبوء بالفشل . (وقد كشفت أرقام رسمية صادرة عن وزارة التخطيط السعودية عن أن المجتمع السعودي بدأت تتفشى فيه ظاهرة العنوسة وتأخر سن الزاج ، وتؤكد أحدث الإحصائيات المتوفرة أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث عدد الفتيات السعوديات اللاتي في سن الزواج وهي نسبة مخيفة إلى حد كبير)[4] فعلى الأب أن يراجع نفسه مرات ومرات وألا يرضى بهذا الزواج تحت ضغط الواقع ، أو ما يمليه عليه واقع ابنه أو ابنته المتأخرة في الزواج.